غالبية المتابعين للشأن السياسي في الكويت يدركون أننا نعيش في أزمة سياسية وعدم استقرار.. وأننا مازلنا في دوامة لا نعرف كيف نخرج منها. بالطبع هناك من لا يرى هذه الأزمة ويقول إن الأمور أصبحت «سهود ومهود» بعد صدور مرسوم الصوت الواحد ومجيء مجلس الأمة الحالي وبقاء نواب المعارضة خارج المجلس وتراجع الزخم الشعبي للمعارضة، وبالتالي ليس لدينا مشكلة، ومن يرى الأمور بهذه الطريقة فهو بالتأكيد واهم أوأنه يريد أن يقنع نفسه بما يتمناه.
إذا اتفقنا أن لدينا أزمة سياسية فإن السؤال المستحق الذي يطرحه الكثيرون: ماهو المخرج من هذه الأزمة حتى نتجاوز حالة الاحتقان والتشنج التي يعيشها المجتمع؟.
إن أي مدخل لطرح مقترح لحل الأزمة لابد أن يضع يده أولا على السبب الحقيقي لهذا الاحتقان. بكل بساطة ومن دون تعقيد، جوهر المشكلة هو مرسوم الصوت الواحد الذي أحدث انقساما مجتمعيا غير مسبوق، ورغم أن أطراف المعارضة تطرح شعارات أخرى مثل الحكومة المنتخبة ورئيس وزراء شعبي وتعديل الدستور إلا أن الواقع يقول إن «بيت القصيد» هو مرسوم الصوت الواحد وهو محور الصراع، وإلا فإن ما يقرب من نصف نواب المعارضة يعارضون مطالب الحكومة المنتخبة ورئيس الوزراء الشعبي.
إذا وصلنا إلى نتيجة أن مرسوم الصوت الواحد الذي عدل النظام الانتخابي هو أساس الخلاف فإن المنطق السليم يقتضي التفكير في كيفية تجاوز إصرار المعارضة على العودة إلى النظام الانتخابي السابق 5×4 من جهة، وإصرار السلطة على نظام الصوت الواحد من جهة أخرى. الحل الواقعي المطروح للخروج من الأزمة هو في أن يجتمع طرفا الخلاف على طاولة الحوار للوصول إلى حد أدنى من التوافق، أما الاستمرار في العناد والمكابرة من هذا الطرف أوذاك فلن يقودنا إلا إلى الاستمرار في حالة التشنج السياسي التي ترهق البلد ككل، وهنا لابد من أن أسجل استغرابي من رفض رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون لفكرة الحوار الوطني والإصرار على «إرغام السلطة بالتراجع عن قرارها». من يحمل في وجدانه الحرص على المصلحة العامة ويريد مصلحة البلد ينبغي ألا يأخذ الأمر وكأنه تحد شخصي أومعركة «كسر خشم» كما هو واضح من سلوك البعض. ينبغي أن نتعامل بروحية من يريد أن يخرج البلد من الدوامة التي نعيش فيها وليس بروحية «كلمتي ما تنزل الأرض».
فكرة مؤتمر الحوار الوطني فكرة شائعة وتم اللجوء لها في العديد من البلدان عندما يكون هناك انقسام مجتمعي أو سياسي حاد حول قضية مصيرية، وتتلخص فكرته في جلوس الأطراف المتصارعة على طاولة الحوار للوصول إلى حد أدنى من الاتفاق. بالطبع لا يمكن لهكذا مؤتمر أن ينجح من دون مبادرة من السلطة ورعاية مباشرة من سمو الأمير، فهو الوحيد القادر على إطلاق هكذا مبادرة. أما الأمر الآخر الضروري لنجاح المؤتمر فهو أن يكون التمثيل فيه تمثيلاً يعبر بشكل حقيقي عن القوى الفاعلة في المجتمع، وأن يتناول جدول أعماله نقاطا محددة، حتى لا يتحول إلى مجرد سوق عكاظ أو هايد بارك، بحيث تلتزم السلطة بالقبول بما ينتهي إليه أطراف الحوار من مقررات.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق