نفهم الحوار ان يتم بين اطراف متحاربة. كقيام حروب أهلية او حروب طائفية في حدود الدولة الواحدة كالحرب الأهلية اللبنانية في عقدي السبعينيات والثمانينيات الماضية، او الحرب الصومالية الداخلية او ما هو قائم الآن في العاصمة اليمنية صنعاء من حوار يجمع اطياف المجتمع اليمني لبحث القضايا والهموم اليمنية الشائكة بعد انهيار الدولة وغياب الأمن.
لكن الدعوة لعقد حوار وطني او اي شكل من اشكال الحوار تحتاج الى فهم حول الاسباب والمسببات فالكويت ولله الحمد مجتمع مسالم لا يشهد حروباً داخلية طائفية او امنية ولم يشهد صراعاً على الحكم او تغييراً للنظام او تغييراً لصيغة النظام التي تقوم على مبادئ التوافقية وحكم الدستور والذي هو (الدستور) على التوافق وقبول الجميع لذا يجدر بالداعين للحوار الوطني تضمين دعوتهم شرحاً وافياً بغية فهم معللات الدعوة فنحن لا نرى ان الوطن قد وصل الى حافة الانهيار او ان النظام الدستوري يتأرجح. او ان هناك احتقاناً طائفياً او نزاعاً اهلياً مع ادراكنا ان مجتمعنا بصفته من المجتمعات المتخلفة ليس مجتمعاً فاضلاً او مثالياً وانما تتنازع بين مكوناته العصبية الطائفية والقبلية والفئوية ومع ذلك فلا يوجد ما يعكر صفو الأمن الاجتماعي او الامن السلمي.
الدعوة للحوار هي دعوة خاصة لمن يدعو لهذا الحوار وهي علة داخلية تعتمل في قلب اونفس الداعي للحوار وتحتاج للتوضيح حتى يفهم الآخرون (والآخرون هنا المعنيون باطراف الحوار) لعل في ذلك التوضيح يُستوضح الموقف.. فالساحة الكويتية ساحة مغلقة على قضايا وموضوعات لا تهم الا اشخاصها بمعنى ان المجتمع غير معني بقضايا الاعتصامات والمسيرات والائتلافات الوهمية والهشة وانما المعنيون بتلك الاسباب هم انفسهم الذين وضعوا انفسهم في هذا المأزق المضحك فكل ذلك دليلاً على الافلاس وغياب الحكمة والتوهم بأنهم يمثلون غالبية الشعب وان لهم الكلمة المؤثرة والفاصلة على الشعب وتالياً على النظام.
لذلك فالدعوة للحوار خاصة ان منطلقاتها تخرج من نفس المفلسين فاما انهم يعنون بذلك انهم لا زالوا قوة سياسية تمثل غالبية الشعب (وذلك حمل كاذب) او انهم يريدون ان يخرجوا من المأزق الذي وضعوا انفسهم فيه وذلك بحفظ ماء وجوههم على الاقل امام مشجعيهم وجماهيرهم..!!
نحن لسنا ضد الحوار والتحاور.. ولا ضد فتح الابواب بين القيادة وفئات المجتمع والاطياف السياسية. ولكن ما ينبغي فهمه والاعتراف به من هؤلاء اولاً انهم لا يمثلون الا انفسهم فالأغلبية الشعبية استنكرت وتبرأت من تصرفاتهم وحتى القلة القليلة من الشباب ومن فئات مجتمعية التي في البادئ قد انخدعت بشعاراتها قد انفضت عنهم بدليل فشل الاعتصامات والمسيرات.
اذا كانت ثمة دعوة جادة للحوار وصادقة فلعل الحوار يبدأ بهم وينتهي بهم والامل ان يعترفوا بخطئهم فلعل فضيلة الاعتراف بالخطأ هي قمة الشجاعة الادبية واما اذا كانت الدعوة للحوار لسحب القضايا المرفوعة ضدهم في المحاكم فذلك قمة النفاق والخديعة والهروب.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق