قضية القروض من أكثر القضايا جدلا على الساحة السياسية المحلية، وقد مرت تلك القضية بمراحل منذ أن أشعل فتيلها النائب السابق د.ضيف الله بورمية، فقد ووجهت بتجاهل تام من زملائه النواب في بداية طرحها، وعندما أحسوا أنها قضية شعبية مربحة هاجموه وشككوا في نواياه، وفي النهاية تبنوا حلولا جزئية لإفشالها شعبيا وحرمان بورمية من الاستفادة منها.
الناس في تلك الجريمة وقد أسميتها كذلك لأنها فعلا جريمة تتحدث عن الضحية وتجاهلت الجاني وهو الحكومة وأجهزتها المعنية بمراقبة البنوك، وتريد الآن تصفية القضية دون أن تعاقب من ارتكبها، وهذا الأمر لا يستقيم مع العدالة التي حضت عليها نصوص الدستور، لابد من تناول ملف القضية تناولا صحيحا، فالقضية لا تبدأ من معالجة فوائد القروض، بل تبدأ بمن ارتكب الجريمة.
مادام هناك مجرم وهناك ضحية فليتحمل ذلك المجرم جزاءه وليصحح الوضع وليدفع ثمن نتائج جريمته من خلال تسوية مع البنوك (مقاصة)، يسدد بعدها كل ما يخرج عن إطار تلك التسوية، أما الحديث عن المال العام في تلك القضية فهو حديث ليس القصد منه الحفاظ على المال العام بل تصفية آثار الجريمة والهروب منها، وهي جريمة لو حدثت في دولة تحترم القانون لعوقب من ارتكبها.
مهما طرح من حلول وسط لن تستطيع حل تلك القضية، فهي قضية صراع بين الجلاد والضحية، والجلاد معه متنفذون كبار يريدون الإبقاء على دم الضحية ينزف إلى مالا نهاية، والضحية معها مجاميع لا تملك سوى الدعاء لها، ومادام هذا هو الوضع، فالصراع سيبقى بين الجلاد والضحية على أمل أن يتمكن المتعاطفون مع الضحية تحقيق شيء ما عكس كل التسويات التي طرحت وستطرح.
الآن في هذه المرحلة شنت ما يسمى بالأغلبية البرلمانية هجوما على محاولة ما يسمونه مجلس الصوت الواحد بسبب محاولته حل تلك القضية، وهي مفارقة عجيبة إذ كان أغلب أعضائه يحضرون ندوات المعسرين في دفع ما عليهم من فوائد نتيجة تلك القروض، ويقسمون بأعظم الأيمان أنهم سيقفون مع حل تلك القضية حتى ولو كلفتهم الثمن غاليا فما بالهم «لحسوا» تلك الأيمان.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق