ناصر العبدلي: تحية لأبي مرزوق

جاسم بودي، شخصية لا تملك إلا أن تعجب بها، وهذه العبارة تنحصر في علاقته بالصحافة التي دخلها دون استئذان، ولا تنسحب على بقية الأمور خاصة تلك التي هي محل خلاف فيما بين بومرزوق وخصومه السياسيين والاقتصاديين، وما دفعني إلى قول تلك العبارة في بداية المقال هو طريقة تعاطيه مع جريدة الراي كمؤسسة إعلامية، وكيف حولها في فترة وجيزة إلى صحيفة متميزة محليا.
بومرزوق رغم انتمائه لإحدى الأسر الاقتصادية العريقة في البلاد، وهي واحدة من تلك الأسر التي وضعت لبنة في تأسيس البلاد، إلا أنه اختلف كثيرا مع طروحات تلك الأسر ورؤيتها للصراع السياسي والاقتصادي وأظهر ميلا للأجواء الشعبية ونبض البسطاء، ويمكن لمن يشكك في ذلك الواقع أن يستحضر مضمون جريدة الراي ويستوعب تلك الرسائل التي تبعث بها تحركاته حتى
في شغل مناصبها.
هناك ثلاث صحف من خمس، قبل فتح باب الامتيازات الصحافية، تملكها عوائل تنتمي إلى شريحة اجتماعية واقتصادية محددة، وداخل تلك الشريحة قيم وثوابت وطروحات تحدد علاقتها بالآخرين، لكن بومرزوق «تمرد» على كل ذلك واختط- بلا مبالغة- لنفسه مسارا آخر يختلف عن الآخرين ممن ينتمون إلى تلك الشريحة على الصعيد العام وعلى الصعيد الخاص داخل الجريدة.
عملت في جريدة القبس، وهي إحدى الصحف الثلاث التي تملكها عوائل تنتمي إلى تلك الشريحة، لما يقارب خمسة عشر عاما ولم يفارقني يوما ما أثناء تلك الفترة إحساس بوجود «نَفَس» عنصري تجاه الآخرين دون تمييز فيما إذا كان لديهم شهادة تثبت أنهم كويتيون أو أنهم من الأخوة العرب، وعليّ أن أعترف أن الإحساس في الفترة التي شغل فيها منصب رئيس التحرير محمد الصقر كان أخف بكثير، ليس طعنا في رئيس التحرير الحالي وليد النصف أبدا فهو رجل دمث الأخلاق، لكنها الحقيقة.
أحسست بازدياد في وتيرة ذلك النفس العنصري عندما تداول بعض الزملاء في الجريدة اسمي واسم الزميل جاسم أشكناني لشغل منصب نائب رئيس التحرير وهو منصب ظل شاغرا منذ ترك رئيس التحرير السابق محمد الصقر منصبه، وهو تداول على صعيد الزملاء ليس أكثر فقد ثارت معارك في بعض دواوين ضاحية عبدالله السالم والشويخ السكني والشامية وكأنما المنصب هو نائب رئيس الولايات المتحدة الأميركية وليس منصبا في جريدة.
مضمون تلك المعارك يرفض تعيين «بدوي» و«عيمي» في مثل ذلك المنصب حتى وإن كانوا يملكون من المؤهلات ما يجعلهم ذوي كفاءة لمثل ذلك المنصب وأكثر، فالقضية أكبر بكثير من مؤهل، وللأسف فإن ما يحزن استجابة رئيس التحرير الحالي لمثل ذلك النفس، وهذا ما تجاوزه فعلا جاسم بودي ولم يتوقف عنده مما أضفى تميزا على جريدة الراي، إن على صعيد الخبر أوعلى صعيد القبول.. فتحية لأبي مرزوق.
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.