لا يعرف الذين قاطعوا الانتخابات من السياسيين، هذا بالطبع ان جازت التسمية، وأنا اشك في جوازها اصلا، لا يعرفون ماذا يفعلون بحالهم هذه الأيام. فهم بعد ان قاطعوا الانتخابات اصبحوا مثل غالبية شعب الكويت الريعي «بطالية». انا كنت نصوحاً وقلت لهم اثناء المقاطعة، وعندما كانت هناك فرصة للتراجع، قلت انهم ليس لديهم وسائل واهتمامات سياسية خارج مجلس الأمة، لهذا ان قاطعوا وابتعدوا عن المجلس فسوف يضيعون وسوف يتم نسيانهم. ودورينا «من طَقّه بَسّه» ـــ بالعربي تعني خروج المغلوب ـــ والكأس كل اربع سنين. فاغلبهم، افرادا وحتى جماعات وجمعيات، ليس لديهم امتداد جماهيري أو حضور شعبي. لهذا فان المقاطعة هي انتحار ان فشلت، وكان واضحا انها ستفشل. لكن مع الأسف، السادة المقاطعون أخطأوا الحسبة وبالغوا في تقدير مساهمات البعض واستعداده للمشاركة، أو بالاحرى مواصلة المشاركة في الحملة ضد النظام.
بعد شعورهم بالعزلة «طرحوا بحياء أو بالوكالة ضرورة المصارحة، وطرحوها وكأنهم يمنون على الآخرين، اي السلطة، بهذه المصالحة. رغم انهم الغرقى وانهم المعزولون، وانهم من بحاجة الى الانضمام الى الصف الذي اختاروا طواعية الخروج منه. عندما اشاح المعنيون بوجههم عنهم، وعندما رفضوا المصالحة المشروطة أو حتى غير المشروطة التي طرحوها، عادوا الى عنجهيتهم وتجبّرهم، وأعلنوا رفضهم المصالحة ومضيهم في «حراكهم» الاصلاحي أو الثوري حتى النهاية.
قبل ايام وبعد احتكام طوق العزلة تفتق ذهنهم عن وسيلة اكثر اغراء للعودة الى الاضواء والصعود الى المسرح السياسي ثانية. طرحوا مسألة الحوار الوطني، كقضية يحملونها ويبشرون بها لرأب الصدع وللاتفاق من جديد – بمصالحة ام بدونها – على السير في طريق جديد واحد. يعني مصالحة سكّيتي. وبالطبع لم يلتفت احد الى الدعوة. ليس لانها غير منطقية أو غير ضرورية، ولكن بالدرجة الأولى لان جماعة المقاطعة هم من بحاجة الى الحوار وهم من بحاجة الى ائتلاف فكري ومنهجي يوحد بينهم.
ليس هذا وحسب.. بل ان كل طرف أو بالاحرى فرد فيهم – اغلب الجماعة اصلا افراد- بحاجة الى ان يوضح لنفسه قبل الغير.. من هو.. وماذا يريد.. وماهو بالتحديد معنى الشعارات التي يتغنى بها. جميعهم يطرحون شعار «حرية.. حرية».. ولم يقل لنا احد حرية من؟ هل هي حرية كل الناس، ام هي حرية الاغلبية، ام حرية اهل السنة كما اتضح قبل أيام؟ يريدون حكومة منتخبة ولم يفسروا لنا لماذا.. وما الذي ستنجزه أو تفعله الحكومة المنتخبة مما عجزت عنه أو امتنعت عن تنفيذه الحكومات السابقة. شعارات مطاطة واحلام بعيدة عن الواقع لم يعنَ اي طرف أو فرد منهم بشرحها أو التعريف بها للآخرين.
نصيحتنا الثانية، لجماعة المقاطعة، ونرجو ألا تهمل.. خلوا «فنايلكم»» على حالها يعني مصفطة، واتفقوا على لون واحد تنزلون به الملعب في الدوري المقبل، فهذا افضل لكم وأكثر راحة واستيعابا للغير.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق