
عندما تزعم الحكومة انها تعمل على هدي خطط وبرامج عمل سنوية أو خمسية أو عشرية، فعليها ان تثبت صدق هذه المقولة.
فالخطط والبرامج التنموية للدولة، أي دولة، ليست ولن تكون وليدة اللحظة، وانما تقوم على اساس سياسات ودراسات ومعطيات حاضرة أو مستقبلية، وأي حكومة تحترم خططها وبرامجها وتحترم وعودها، تلتزم بتلك الوعود والخطط والبرامج، وهذا ما يجرنا للتساؤل، هل الحكومة الكويتية تعمل على هدي برامج وخطط موضوعة تلتزم بتنفيذها، أم ان الخطط والبرامج الموضوعة، موضوعة للزينة وللزعم بأن للحكومة سياسات برامج وخطط تنموية..؟!!
فلو كانت للحكومة خطط وبرامج ثابتة وتعمل على اساسها لا انها حبر على ورق لكانت التزمت بتلك الخطط والسياسات وفقا لمدلولها الاقتصادي والتنموي والبشري، انما ما نراه فللوزراء سياسات ورؤى تحترق، بل تسفه البرنامج الحكومي المكتوب الذي يفترض ان يلتزم به كل الوزراء، باعتبار حكومة تضامنية والوزراء فريق واحد، غير ان ما نراه على ارض الواقع غير ذلك، فعندما نقرأ ان الحكومة قد رصدت (125) مليار دولار للسنوات الخمس القادمة أو رصدت (37) مليار دينار للخطط العشرينية المقبلة وانها بصدد انشاء كذا وكذا من مشاريع تنموية أو انها بصدد فتح ابواب البلاد للاستثمار الاجنبي والشراكة الاستراتيجية، كل ذلك ليس كلاما يطلق في الهواء أو مكتوبا على الورق بينما نرى خلاف ذلك على ارض الواقع، خذوا التصريح الاخير لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي حول تقليص العمالة الوافدة في البلاد خلال العشرين سنة القادمة بنحو (100) الف وافد في السنة الواحدة، والمقترح الآخر الصادر من مجلس الامة والقاضي برفع الدعم عن اسعار البنزين والديزل على الوافدين وصرفها للكويتيين بالبطاقة التموينية، أو التشدد في منح رخص القيادة للوافدين، قد يرى البعض بأن هذه المقترحات تقع في سياق تعديل التركيبة السكانية ومنح فرص اكبر لابناء البلد وانا هنا اقول ان معالجة القضية المرورية قضية دولة وقضية مجتمعية كلنا مواطنون ووافدون مسؤولون بشكل أو باخر على علاجها وكلنا مواطنون ووافدون شركاء في المعضلة المرورية، بمعنى ان رفع اسعار الوقود على الوافدين وخفضها على المواطنين علاوة على انه ينم عن العنصرية ولكنه لا يعالج تلك المعضلة المتصاعدة طالما انها قضية عامة شركاء بمعاناتها المواطنون والوافدون، فالتطبيق المنطقي يقتضي ان يطبق الحل على الجميع مواطنين ووافدين على اساس ان الطريق ملك للجميع وليس للمواطن على حساب الوافد، وفي كل الاحوال معالجة القضية المرورية تحتاج الى حل مجتمعي جذري لعل رفع اسعار الوقود احد الحلول ولكن تطبيقه على الجميع. واما فيما يخص تصريح الوزيرة ذكرى الرشيدي عن تقليص اعداد الوافدين (100) الف وافد في السنة، فهل خطة التقليص تدخل ضمن خطط التنمية المليارية والمشاريع العملاقة أم ان ذلك من عنديات الوزيرة..؟! ذلك ان تنفيذ المشاريع العملاقة سواء المعلن عنها في الخطة الخمسية أو العشرينية لا اظن ستقوم بتنفيذها ملائكة منزلة من السماء وانما بشر موجودون على الارض وفي الغالب هؤلاء البشر ليسوا كويتيين وانما وافدون من كل اصقاع الدنيا، ولذلك اعود لاتساءل هل الحكومة صادقة بخططها وبرامجها التنموية ام انها مجرد وعود في الهواء أو حبر على الورق..؟!!
ان الوافدين شركاء تاريخيون في اعمار ونهضة وتقدم الكويت، وستبقى الكويت تعتمد على العمالة الوافدة ما دام هناك نفط يستخرج واموال تضخ وإعمار يستمر.
ان التضييق على الوافدين من حيث الخدمات الصحية أو زيادة اسعار البنزين أو التسفير المتعمد وغير ذلك من السياسات والاجراءات ضررها اسوأ على البلد من نفعها، خصوصا في ظل المنافسة التنموية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة وبلاد آسيوية عملاقة مثل الهند التي تستحث عمالتها على المكوث في البلاد.
لا خوف على استقرار وامن البلد من الاكثرية الوافدة ولا خوف من منافسة الوافدين لأبناء البلد في اعمالهم وأرزاقهم، ولكن الخوف كل الخوف عجز الحكومة من وضع برامج وخطط وسياسات حصيفة ورشيدة.
اذا كانت سياسة الحكومة تطفيش الوافدين فلمن تشيد الابراج العملاقة…؟!!
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق