
إلغاء فوائد القروض قضية غير عادلة، ويفتح الباب أمام ثقافة استهلاكية ضارة، فكيف نزل الوحي على متخذ هذا القرار بأنه أفضل الحلول.
للأسف ان قضية إلغاء القروض أو إلغاء فوائد القروض، وغيرها من معالجات واقتراحات طرحت في السابق وفي المجلس الحالي، قد اخذت من الوقت الكثير في قضية غير منطقية وغير عادلة، ولا اساس لها في العالم، بل انها اختراع كويتي بحت لترقيع الأمور لأطراف، للأسف، لا تعي ولا تهتم بالسلبيات المستقبلية للحلول الترقيعية على البلاد.
الحكومة احيانا للأسف تجامل اطرافاً سياسية حتى ترضي البعض في المجلس لتتفادى المساءلات والمشاكسات وتبتعد عن عوار الراس، وبعض النواب يقدمون ايضا اقتراحات لا يُراعى فيها العدالة ولا حرمة المال العام حتى يرضوا بعض ناخبيهم ليضمنوا ويحجزوا كرسي العضوية.
للأسف هذه حال الكويت في كثير من القضايا وكثير من القوانين التي تم اصدارها من المجالس في السنوات الاخيرة، طرف يرضي طرفاً على حساب مستقبل البلد. للأسف قضية القروض بدأت بمزحة قبل سنوات (الله يسامح من قدمها) وأصبحت امراً واقعاً الكل يتداولها ويطرح حلولاً جميعها تؤدي الى طامة مستقبلية اقتصادية واجتماعية ومخالفة دستورية جسيمة. والطامة الاكبر ان لا الحكومة ولا اللجنة المختصة ولا المجلس تعلم التكلفة الحقيقية للقانون المزمع اصداره لحل قضية فوائد القروض، مرة يقال ان التكلفة لن تتجاوز 300 مليون، ومرة نسمع ان التكلفة بحدود 700 مليون، وأخرى مليار و200 مليون، وأخيرا تصريح من معالي وزير المالية ويتوقع ان تتجاوز 4 مليارات، وسقف المقترضين مفتوح ولا احد يعلم التكلفة الحقيقية، ولا اعداد المقترضين، بعد ادخال مقترضي البنوك الاسلامية.
أين العدالة يا نواب؟ واحد اقترض ألف دينار، وآخر مقترض 70 ألف دينار، وآخر ضغط على نفسه والتزم بالسداد، وآخرون لم يقترضوا اساسا حتى لا يدخلوا بمتاهات ومشاكل، ومنهم من هو اكثر حاجة من بعض المقترضين، ما ذنب من حرم نفسه ومن سدد والتزم؟ وهل يكافأ غير الملتزم ويحرم من التزم؟
المشكلة تهون لو كان الموضوع رقماً بسيطاً ويحل مشكلة معينة، وانما المشكلة الاكبر انه لن تكون هناك نهاية للموضوع، ومن حق كل المقترضين السابقين للتاريخ المحدد المطالبة بإشراكهم في الحل، وايضا كل من سدد التزاماته سوف يطالب بتعويضه وهذا من حقه، وكل مواطن لم يقترض من حقه المطالبة بتعويض يعادل اكثر واحد استفاد ماديا من الحل الترقيعي، سوف ندخل في متاهات، الكويت في غنى عنها في هذه الظروف، والأهم من ذلك كله انها تدخل الكويت في نفق مظلم، وانعكاساته على المجتمع الكويتي سلبية ومدمرة، ومنها فتح الباب امام ثقافة استهلاكية ضارة ومرفوضة، وتعتبر مكافأة للمواطن غير الملتزم بالسداد وفتح الابواب لإسقاط مديونيات اخرى، كالخدمات، وتشجع المواطنين على ثقافة استهلاكية مدمرة كما ذكرنا، وتعتبر نزفاً جديداً بصندوق الاجيال فتح المجال لاقتراض المواطنين (دون الحاجة) للقروض على امل اسقاطها في المستقبل اسوة بالآخرين، وغيره وغيره من السلبيات.
والعجيب ان كل الاقتصاديين اجمعوا على رفض القانون، واعتبروه حلاً سياسياً، وبعيداً كل البعد عن الحل الفني، وكذلك كل المؤسسات الاقتصادية أبدت رأيها بسلبياته وخطورته على مستقبل البلد.
والسؤال الذي يطرح نفسه: من أين ومن هو المصدر الذي اوحى لمتخذي القرار بأنه افضل الحلول؟
هناك الكثير من المواطنين ينوون رفع دعاوى في المحاكم بعدم دستورية القانون لمخالفته العدالة بين المواطنين في حالة اقراره، وكذلك هناك من سوف يطالب بتعويض كل من لم يستفد من القانون، كل مواطن لم يقترض، وكل مواطن التزم بسداد مديونيته بمبالغ تعادل اعلى مقترض استفاد من القانون، وهنا من الممكن ان تكون الارقام خيالية لا يمكن حصرها ولا يمكن التنبؤ بها، خصوصا ان القانون المطروح غير معلوم التكلفة ايضا.
فيصل فهد الشايع
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق