عبداللطيف الدعيج: التعليم المختلط حق دستوري

حاليا لدينا موضة او هبة انشاء تنظيمات وحركات سياسية من كل لون واتجاه. هذه ربما ظاهرة صحية، ولست هنا في مجال انتقادها على اي حال، لكن لم أملك إلا ان ألاحظ ان كلا من هذه التنظيمات او الجماعات تبدأ الاعلان عن نفسها عبر تعهد بالولاء للاسرة الحاكمة او الالتزام دون قيد او شرط بالمادة الرابعة من الدستور. يعني كلهم «صباحيون»، وهذا في الواقع يجبر على التساؤل عن الهدف من كثرة هذه الدكاكين!

لست ضد الاسرة الحاكمة، وفي الواقع لست معها ايضا. انا مع الكويت ومع المصلحة العامة، وما دامت الاسرة في خدمة الكويت، فنحن في خدمة الاسرة، اما اذا تعارضت سياسة او مقاصد الاسرة تواليا وبقصد مع مصالح الكويت، فنحن في حل من اي التزام. المادة الرابعة من الدستور حالها حال بقية المائة واثنتين وثمانين مادة قابلة للتنقيح والتعديل، ولا شك لدي انها ستتعدل او حتى تلغى، دستوريا ان شاء الله، بعد سنوات او ربما بعد عقود.

الاختلاط قضية وطنية كما كتبنا يوم امس، وتصحيح المسار التعليمي وانقاذه من هيمنة مجاميع التخلف وسيطرتها اصبحا ضرورة لا تحتمل التأجيل. وليس من العدل ان تقف الاسرة الحاكمة موقف المتفرج من هذا الاستغلال والتعسف البغيض الذي يتعرض له النشء على يد مجاميع التخلف، ومن خلال مناهجها القديمة وطرق تدريسها البالية وعقول منتسبيها الصدئة. خصوصا ان الدستور، كما بينا اكثر من مرة في الشرح المفصل للمادة 40، يؤكد حق الاهل، وليس مجاميع التخلف او حتى الدولة، في توجيه الابناء.

اننا نتوقع من حكومة الشيخ جابر المبارك ان تكون عند مسؤوليتها التاريخية، وان تقف بلا تردد مع الاتجاه النيابي الحالي الساعي الى الغاء قانون منع الاختلاط. فهذه الحكومة قبل غيرها تعلم مدى تعارض هذا القانون مع الدستور ومع الرقي الحضاري، وحتى مع الامكانات المتوافرة لوزارة التعليم العالي. ليس من العدل ولا الوفاء لاهل الكويت، اضاعة مستقبل ابنائهم والتضحية بحقهم الانساني والدستوري في التعليم الحر ارضاء لمجاميع، هي اليوم في عداء وتناقض مع السلطة. ان الظروف والضرورة تقتضيان الغاء قانون الاختلاط اليوم قبل الغد. وعلى حكومة الشيخ جابر ان تتحمل مسؤوليتها في تحقيق هذا الالغاء.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.