عبداللطيف الدعيج: واحد يجدف.. وواحد يهلس

إحنا الظاهر مغرمين بحالة الشلل العام، الناتج عن ان ناس منا يشدون الحبل يسارا وناس تشده يمينا، أو مثل ما قال اهالينا من قبل «واحد يجدف وواحد يهلس». جماعة تحاول ان تصعد الى الاعلى والبقية تتمسك «بتلاليبها» تشدها الى القاع. والحكومة المسؤولة عن تحديد المسير وتوجيهه لاهية بحفظ التوازن، ومعنية بان لا يطغى نفوذ طرف أو تتعدى بقية الأطراف. ربما لهذا نحن نراوح منذ زمن في النقطة نفسها وفوق السطر ذاته. وما زلنا بعد سنوات وعقود في مستنقع النمو نفسه، بل التخلف الذي حاولنا منذ سنوات وعقود الانعتاق منه.

حضرة صاحب السمو معني بالعناية بالشباب وفي افساح مجال العمل والمشاركة الوطنية في البناء امامهم. وقد اوصى حكومته بان تعمل على تسهيل كل شيء امام الرغبة السامية والهدف الوطني العام من اجل ان يأخذ الشباب دورهم. حكومته ايضا أو وزارة الداخلية بالتحديد تنوي حل مشكلة المرور برفع سن الحصول على اجازة القيادة من 18 الى 21. حسب عقلية وزارة الداخلية، هذا سيحل مشكلة المرور.. لا ياسادة.. هذا سيزيد فقط من عدد من يقود بلا رخصة قيادة، بالاضافة الى زيادة عدد «السواق» الاجانب، وسيشكل ازمة اجتماعية، لان هناك العديد من الشباب ممن يقوم بدور السائق لعائلته. لكن كل هذا لا يهم.. فربما خبراء الداخلية يعلمون ما لا نعلم.. ولكن ماذا حدث لتشجيع الشباب.. وهل هذه احدى وسائل تمكينهم من العطاء والمساهمة حسب الاوامر الاميرية؟!

مشكلة المرور في الكويت اجتماعية اكثر منها فنية. فلدينا شعب «بطالي» متخصص في التيه والدوران في الاسواق والمجمعات. ولدينا اصرار حكومي على عدم النقل الجماعي، وخصوصا نقل تلاميذ المدارس. ولدينا حتى الطلبة ينجحون بالقدرة، فلا كتاب يشدهم ولا مذاكرة تحد من جولاتهم في الشوارع. ولدينا فوق كل هذا «بنزين» ببلاش. ولدينا والحمد لله وفرة نقدية. اي ان كل شيء يشجع على اللف والدوران في السيارة. خصوصا ان اماكن اللهو البريء أو المواقع الثقافية وحتى الرياضية ليست بالشكل المناسب أو الكافي.

لهذا، فان الحل لمشكلة المرور اجتماعي، عويص وطويل جدا. لكن اذا كانت الداخلية تبحث عن حل سريع فعليها رفع توصية للحكومة برفع الدعم عن «البنزين». بل ان المطلوب خطوة سريعة وشجاعة لتجربة اثر ذلك، وذلك برفع سعر الوقود الى سعر خيالي يجبر المواطنين أو مستخدمي السيارات على الاقتصاد في استخدامها. تجربة مثل هذه قد تقنع المواطنين في النهاية بان «الركادة» زينة وان الجلوس في البيت مع الابناء والاهل متعة وتوفير وبناء لعلاقات أفضل.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.