منذ بداية ما أسموها كتلة الغالبية كنت أتوقع أن مآلها التفرّق والضعف ثم النهاية السياسية، فكتلة الغالبية اليوم تماماً كالشجرة اليابسة التي حَتت الرياح العاصفة أوراق أغصانها فتركتها جرداء ملساء بلا ظل وارف أو منظر جميل. حاولت العديد من الوجوه السياسية المخضرمة وغير المخضرمة أن تستحوذ إعلامياً على الظهور بدور البطل المناضل الوحيد في كتلة الغالبية وفي الحراك السياسي العام بعد حل مجلس 2012، والعديد منهم أخذ ينافس زملاءه السياسيين في المشهد السياسي العام في هذه الحقبة من تحت الطاولة، فترى الواحد منهم يركز كثيراً على مجهوده السياسي وكلماته الرنانة ووعيده وتهديده من أجل أن يأخذ الحيّز السياسي الشعبي الأكبر في قلوب الشباب الكويتي ولو عن طريق الكذب والدجل!
قلت كثيراً للعديد ممن التقيت بهم من الشباب المهتمين بالحراك السياسي إن كُره الفساد، ومحاربة الفساد، والاحتجاجات السياسية، والمشاركة الشعبية من أجل الوطن، هذا كله لا يحتاج تحقيقه أبداً لنواب سابقين في مجلس الأمة يقودونا ونتبعهم كالخراف، ونلتف حولهم وهو يصرخون في ندواتهم بأعلى أصواتهم ونحن نصفق لهم كلما رفعوا اصبع التهديد عالياً نحو السماء.
إن الحراك الشعبي الحقيقي هو الذي يقود المعارضة وليس المعارضة هي التي تقوده، فنحن الشعب من صنع كل اسم لامع من النواب، ولا نجاح لأي أحد منهم من دوننا. انظروا الآن لكتلة الغالبية التي تمزقت وانتهت، فهذا أحدهم يصرّح ويقول ان 17 شخصا من كتلة الغالبية يرفض مقترح الحكومة المنتخبة! وذلك السياسي الذي يُنظّر ويخطط ويكتب لكتلة الغالبية بات ينتقد بعض توجهاتهم وبعض أشخاصهم! و«نهج» رفضوا الدخول بـ «الائتلاف» بسبب خوفهم من بعض الشخصيات المؤسسة فيه! وعدد من أعضاء كتلة الغالبية يعلنون أنهم سيخوضون الانتخابات المقبلة حتى ولو استمر قانون الصوت الواحد! وانقسام آخر في صفوف كتلة الغالبية في اختلافهم على الإمارة الدستورية! والمضحك المبكي أن هناك من هو محسوب على بعض التكتلات السياسية إعلامياً وحركياً يسخر بكل جهل مدقع من بعض أعضاء الائتلاف!
مشكلة معظم السياسيين في الكويت أنهم يريدون أتباعاً لهم أغبياء يمنحونهم الحب والولاء والبراء السياسي والتصفيق والهتاف العنيف، وهذا فعلاً ما وجده بعض السياسيين في الكثير من الشباب الكويتي الحماسي لا العقلاني. ومما يذكر أن خلال هذه الحقبة القصيرة في المشهد السياسي بعد حل مجلس 2012 ظهرت علينا وجوه قدمها لنا «تويتر» و»اليوتيوب» على أنهم أبطال سياسيون، وفي الحقيقة أنهم لم يقدموا أكثر من عقولهم وسمعتهم وكم صورة لهم مع بعض النواب السابقين وكم كلمة وقصيدة عابرة.
alrawie@
roo7.net@gmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق