العمل السياسي سواء للأحزاب او التيارات او حتى بالنسبة للأشخاص الساعين نحو السلطة هو عمل منظم يعتمد على عدة اذرع لا يتحقق دونها للعمل السياسي أي نتيجة على ارض الواقع، هناك مثلا الذراع الفكرية وكذلك الذراع الإعلامية والاهم من هذا كله الذراع المالية، وهذه الأذرع الثلاث هي الأذرع الأكثر فاعلية لأي تيار أو شخص يسعى نحو الوصول إلى هدفه النهائي.
في الكويت استغرب كثير من المتابعين عندما أثيرت قضية الإيداعات المليونية، واعتبروا أن هذا خرق لأخلاقيات العمل السياسي، بل واعتبروه كفرا سياسيا بواحا، ولا ألومهم فالإيداعات المليونية كارثة، او على الأقل اكتشاف عمل المال السياسي بتلك الطريقة المكشوفة جدا والساذجة لدينا كان هو الكارثة، ولكن الجميع نسوا او تناسوا ان الذراع المالية لأي تيار أو شخص يسعى نحو السلطة هي أمر طبيعي جدا، بل جزء رئيسي من أخلاقيات العمل السياسي، فالسياسة أخطبوط يعمل بعدة اذرع، طبعا هذا ليس تبريرا لاستخدام المالي السياسي، لأن استخدام المال السياسي بهذه الطريقة أو بأي طريقة أخرى هو مفسدة سياسية وجريمة لا تغتفر.
الإيداعات لم تتوقف، ولا اعتقد أنها ستتوقف، وان كانت بشكل آخر مختلف أكثر ذكاء أو اقل قابلية للكشف، لا املك دليلا، ولكن القرائن موجودة، وهي إن لم تكشف اليوم فستكشف غدا، وقضية الإيداعات حتى وإن أدى أمر إثارتها في وقتها إلى تغيير المشهد السياسي بشكل جذري، إلا أنها وبحسب اعتقادي الآن جعلت المانح والممنوح أكثر حذرا، وأكثر دقة في اختيار التوقيت.
> > >
العمل السياسي في الكويت اليوم غير منظم، لا على الجانب الموالي للحكومة ولا الحكومة نفسها ولا على جانب المعارضة، فالعمل السياسي «دواويني» الشكل، ولا أقول هذا تقليلا من شأن الديوانية ولا أثرها الاجتماعي ولا السياسي، ولكن العمل السياسي «الدواويني» هو عمل يعتمد على التجمعات الطارئة غير المنظمة ويغلب على حديث الساسة فيها المجاملة أو مراعاة طبيعة الديوانية أو مذهب أصحابها أو قبيلتهم، كما أن العمل «الدواويني» عمل غير مؤسسي حتى وإن حاولت المعارضة أخيرا إسباغ الشكل المؤسسي عليه، إلا أنه يبقى مجرد حبيس ندوة في «ديوانية» وتجمع في «ديوانية» وحديث سياسي عابر في «ديوانية»، وسيبقى الحراك السياسي محدودا حتى وإن تجاوز أسوار الديوانيات لبعض الوقت.
> > >
نطالب دوما بضرورة تغيير النهج الحكومي، وطبعا لم يتغير شيء، وبقينا على ما نحن عليه، ذات المشكلات، وذات القضايا، وذات الصراع، ولكن الحقيقة أنه علينا اليوم أن نطالب بتغيير نهج المعارضة، وأن تخرج من إطار الديوانيات وأن تبدأ بالعمل المؤسسي، ذلك إذا ما أرادت النجاح فعليا، أما إذا كانت تريد أن تبقى صوتا معارضا بلا فعل، فأعتقد أن الفكر الدواويني لن يغير شيئا، فمنذ 25 عاما ولم يتغير شيء.
waha2waha@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق