فاجأت الحكومة الجميع وقررت رفع قيمة القرض العقاري الى مائة الف دينار، وهو قرار لم اجد احدا من اهل الاختصاص في العقار والاقتصاد يطالب به، او يشجعه. بل وعلى العكس ستكون هذه الزيادة عبئا اضافيا على منتظري الرعاية السكنية، وستزيد سوق العقار اضطرابا وارتفاعا في اسعار المنازل والاراضي والبنيان.
كيف تتخذ الحكومة هذه القرارات المصيرية فجأة؟ كيف يصدر قرار خطر مثل هذا القرار، الذي سيربك سوق العقار ويفقد السيطرة عليه اكثر مما هو فالت حاليا، من دون الاستماع إلى آراء عشرات المتخصصين الذين لم يتوقفوا عن المطالبة بحل المشكلة الاسكانية بالطريق الصحيح المتمثل بتحرير الاراضي وتفعيل دور القطاع الخاص ببناء المدن الاسكانية والسيطرة على ارتفاع الايجارات في المناطق السكنية بدلا من اتخاذ قرارات خادعة مثل زيادة قيمة بدل الايجار ورفع قيمة القرض العقاري؟! لماذا تخالف الحكومة المنطق والاسس العلمية في قراراتها؟
تبحث الحكومة دائما في حل مشاكل البلد عن الطرق السهلة التي لا تتطلب جهدا حقيقيا ولا تحتاج الى ادارة حازمة ومتابعة فعلية لتنفيذها كما تنتهج الحكومة بشكل مستمر سبيل الحلول الترقيعية المؤقتة التي لا تقضي على جوهر الازمات وانما تؤخر ظهورها الى اجل قريب بالقدر الذي يكفي لبقاء بعض المسؤولين في مواقعهم ثم لتهلك الدنيا بمن فيها..
وليست المصيبة في كون حلول الحكومة ترقيعية ومؤقتة وغير مفيدة فحسب، بل المصيبة ان هذه الحلول غالبا ما تكون اكثر كلفة على المدى البعيد واعظم ضررا بمصالح البلد، ولنا عبرة بتعامل الحكومة مع قضايا الكوادر والزيادات على سبيل المثال وكيف اخلت بميزان العدالة وارهقت ميزانية الدولة على غير معنى..
من تستشير الحكومة في قراراتها؟ هل يعقل ان القرارات الحكومية هذه تمر على لجان ومستشارين وتدرس مرات ومرات وتتم مناقشتها بمجلس الوزراء باستفاضة قبل ان تصدر؟ هل يعقل ان يتفق مسؤولو الدولة في كل مراكزها ولجانها وقيادييها على الاضرار بمصلحة الوطن في اصدار قرارات ظاهرها الفائدة للمواطن وباطنها اغتيال مستقبل البلد..؟ يا جماعة الخير علمونا من تستشيرون في قراراتكم القاتلة؟ والله الموفق.
***
اضاءة تاريخية سنة 1945 امر الشيخ احمد الجابر بالغاء ديون الغوص التي توفي اصحابها وتحملها ابناؤهم سنوات عديدة بسبب تضاعف الديون والعجز عن تسديدها.
وليد عبد الله الغانم
waleedalghanim.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق