ممارسة سيادة الأمة تتطلب التحول من العمل السياسي الفردي إلى العمل الجماعي النظامي، وإلا ستبقى السيادة في يد غير أصحابها.
القوى السياسية (الأحزاب والجماعات) هي الكلمة السحرية التي نفتقدها في حياتنا الديموقراطية لحل كل مشاكلنا العالقة، ولكشف كل الزيف الذي يمارسه البعض عبر استعراض مهاراته الفردية بالخطابة والتلاعب بالألفاظ وتحوير المعاني والعزف النشاز على أوتار الطائفية والعنصرية ودغدغة المشاعر والعواطف، والتشدق بمواد الدستور وأحكامه، التي تنتهي كلها غالبا بالابتزاز وتبادل المنافع وتحقيق المصالح الشخصية لهم ولأقاربهم، وحتى للمقربين منهم، ولا عزاء للأمة، مصدر السلطات، ولا للوطن الذي يئن من وطأة الفساد والمفسدين.
يخلط الكثيرون بين مصطلح التيار السياسي والقوى أو التجمعات السياسية، فالتيار السياسي يمكن أن يتفرع عنه عدد من التجمعات والقوى السياسية التي تنتمي الى الفكر او الايديولوجية الاساسية للتيار، وعلى سبيل المثال تصنف التيارات السياسية الى دينية واشتراكية وليبرالية وشيوعية ومحافظة، اضافة الى التيار الشعبي او القبلي الموجود بالكويت فقط!
وتحت كل مسمى يمكن أن تتنوع وتتوزع الجماعات والقوى السياسية أو الاحزاب التي تحمل ذلك الفكر بدرجات وتقسيمات متفاوتة وبرامج عمل وأهداف مختلفة، وللحقيقة فإن الفكر الديني والقبلي لا يتناسب مع العمل الديموقراطي والدولة المدنية، فلا يمكن أن تنشأ تجمعات سياسية تقوم على أسس دينية طائفية أو عرقية عنصرية، فكلا الفكرين أو الثقافتين لا يؤمنان أساساً بالتعددية ولا يقبلان بالرأي الآخر، بل لا يؤمنان بالديموقراطية كنظام للحكم ولا بسيادة القانون وتساوي الناس كأسلوب حياة للتعايش!
ومن هذا الباب حورب التيار الليبرالي أو الوطني أو المحافظ منذ بدء الحياة الديموقراطية بالكويت من قبل السلطة، وبالمقابل فتح المجال للتيار الديني والقبلي بالتمدد لثقة البعض بأن الديموقراطية الحقيقية لن ترى النور تحت ظلالهما أو ضلالهما لا فرق، فالصفقات والتسويات والواسطات ستبقى سيدة الموقف.
دستور الكويت نص -وعلى استحياء، وبالمذكرة التفسيرية له- على إمكانية تكوين أحزاب (مادة 43)، حيث نصت المذكرة: «وعليه فالنص الدستوري المذكور لا يلزم بحرية الاحزاب ولا يحظرها، وانما يفوض الامر للمشروع العادي دون ان يأمره في هذا الشأن او ينهاه)، كما اقرت بوجود الجماعات السياسية بتفسير (مادة 56).
ونتيجة لغياب التنظيمات السياسية نحن نعيش كشعب اليوم تشرذما وضياعا لا يمكن معه أن يتحقق لنا ما نصت عليه المادة (6) من الدستور، بأن:
«نظام الحكم ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور».
والله يسامح المشرعين الذين حرمونا من ممارسة سيادتنا على الوجه المبين بدستورنا!
محمد حمود الهاجري
Mhd_AlHajri@
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق