المتابع لتصريحات وتحركات بعض الوزراء يلاحظ أن ثمة أوجه شبه بينهم وبين المضاربين والمتلاعبين بالأسهم الناشطين دائماً وأبداً، لزوم مواكبة الفرقعة في سوق المال المسماة مجازاً «عودة السيولة والفرص».
وفي الواقع، يتميز المضاربون الناجحون بأنهم منضبطون ويفهمون معنى الخوف والطمع كأحاسيس وجزء من التركيبة النفسية عند البشر، فيحاولون الاستفادة منها واستغلال نقاط الضعف لتحقيق الأرباح.
بينما يحاول المتلاعبون خلق حالة من الوهم عن طريق الخداع وإشاعة الأخبار الكاذبة ثم الاستفادة منها لتحقيق المكاسب.
وعادة، يقوم المتلاعبون بعد شراء السهم بإشاعة أخبار إيجابية، أحياناً باستخدام الصحف أو أي وسائل تواصل أخرى، خصوصاً في الأسواق المرتخية في تطبيق القوانين.
وتكون لهذه الأخبار تأثير على المستثمرين المبتدئين يجعلهم يتداولون الأسهم بشكل كبير، ويخلق لديهم إحساساً بالطمع، فيقوم المتلاعب باستغلال هذا الإحساس ويبيع السهم لتحقيق الأرباح الكبيرة.
وخير مثال على التلاعب المباشر على المستثمرين هو المحتال مادوف الذي مارس عملية البونزي (أو المادوفية كما أصبحت تُسمى)، حيث كان يوهم الناس بالربح لزيادة المبالغ المستثمرة معه، وساعده في ذلك منصبه السابق كرئيس لمجلس لإدارة بورصة ناسداك الشهيرة.
والشيء بالشيء يذكر، عندما نلاحظ بعض السياسيين «المستثمرين»، وقدرتهم على نقل أساليب المضاربة والتلاعب إلى ميدان العمل السياسي.
وعلى سبيل المثال، عند إسقاط سلوك المضاربين والمتلاعبين على بعض الوزراء في الحكومة الكويتية (بعض الوزراء امتهن المضاربة)، سنجد صفات عدة مشابهة، مثل الخداع والتظاهر بالمثالية لكسب تأييد المثاليين والقدرة على تغيير المواقف المفاجئ واللعب بنفوس المواطنين. والأمثلة عدة منها؟
● نحن ضد إسقاط فوائد القروض ثم مع إسقاطها.
● ضد المزيد من الدعم ثم مع زيادة الدعم والكوادر.
● يقدمون استقالات ويتراجعون عنها بسرعة ومن دون أي توضيح، تماماً كما يحدث لطلبات الشراء الوهمية عند أي صفقة بيع كبيرة.
● يسربون أخباراً وإنجازات وهمية لتلميع صورتهم الإعلامية، مثلما يفعل المتلاعبون عندما يشيعون الإشاعات الكاذبة في السوق عن سهم معين لمصالحهم.
وربما تفتح هذه الصفات باباً جديداً لقراءة مختلفة في كيفية اختيار المناصب الوزارية، حيث ينجح حتى الآن الوزير الآتي من خلفية مضاربية. وتحتاج الحكومات المتعاقبة إلى مثل هؤلاء لأنهم يسهمون في تحقيق إنجازات وهمية وربما تغيير الصورة السلبية عن عجز الحكومة في تنفيذ مشاريع حقيقية على أرض الواقع، ليصبح مؤشرها صاعداً دائماً.
محمد رمضان
كاتب اقتصادي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق