بعد الاطلاع والقراءة المتأنية لتقرير اللجنة المالية والاقتصادية رقم 12 والذي صدر في ١٨مارس الماضي، والمدرج على جدول أعمال المجلس بشأن إضافة مادة جديدة إلى القانون رقم 41 لسنة 1993 بشأن شراء الدولة لبعض المديونيات وكيفية تحصيلها وتعديل للمادة 2 من القانون 42 لسنة 1988 بشان تصفية الأوضاع الناشئة عن معاملات الأسهم بالأجل، يتبين كيفية ضياع سيادية القانون الذي يجب ان يكون عاما ومجردا، بالاضافة الى حجم العبث الذي يتعرض له المال العام (حيث تتيح التعديلات المقترحة الاستفادة مجددا للمدينين المشهر إفلاسهم من السداد النقدي الفوري، مع دفع الأعباء والغرامات، كما لو كان ملتزما من دون ان يكون مطالبا بكل الدين وفوائده وما اسقط منه، أي بعد 20 سنة يطبق علية القانون باثر رجعي متجاهلا من قام بتسييل أصوله بهدف دفع التزاماته وأيضا من صدرت لهم أحكام بالصلح القضائي، وقاموا بسداد أصل الدين وفوائده وغرامات التأخير ومصاريف الإدارة)، ففي هذا البحث رصدنا عددا من المخالفات القانونية والفنية التي تضمنها تقرير اللجنة، مما يجعلنا نطالب بوقفة جادة، حرصا على المصلحة العامة، وحفاظا على المال العام، فمثل هذه التصرفات قد تكون لها تداعيات خطيرة على الدور التشريعي لمجلس الأمة، كما أتمنى على مجلس الوزراء أن يقوم بدوره على أكمل وجه في الاعتراض على مثل هذه التقارير.
مخالفات
وقد رصدنا عددا من الملاحظات الفنية والقانونية التي تثبت المخالفات التي تضمنها تقرير اللجنة المالية:
1ـ يتبين أن الإجراءات التي اتبعت في هذه التعديلات تخالف المادة 97 من اللائحة الداخلية، بالإحالة مباشرة للجنة المالية من دون الإحالة إلى اللجنة التشريعية لدراسة الاقتراحات قبل أن تناقشها اللجنة المالية.
2ـ المذكرة التفسيرية للقانون عبارة عن بيان صحفي سياسي، ولا يمكن أن تكون مذكرة تفسيرية لتشريع صادر من مؤسسة تشريعية، حيث لم تفسر أي مادة من مواد القانون.
3 ـ المذكرة التفسيرية للاقتراح بقانون تشير إلى أن التعديل المقترح يأتي بعد 17 سنة من صدور القانون 41 لسنة 1993 في حين انه فعليا قد مضى 20 سنة من تاريخ صدوره الأمر الذي يعني بان الاقتراح سبق وان قدم في المجالس السابقة قبل ما يقارب 3 سنوات، ولم يلق قبولا أو واجه معارضه له، ويتم الآن معاودة المحاولة لتمريره.
4 ـ المذكرة التفسيرية تشير إلى جوانب خطيرة تعكس أن هناك «انتقائية واجتهادات مختلفة ومتناقضة» تحتم على المجلس مباشرة دوره الرقابي، لا أن يلجأ للتشريع ليقنن ويضفي الشرعية على تلك الملاحظات.
5 ـ كيف تستقيم المساواة بين الصلح القضائي والصلح الواقي من الإفلاس، فلكل منهما آلياته ومسوغاته القانونية المنظمة له.
6 ـ ما هو مصير من التزم بالقانون عند صدوره، وقام بتسييل أصوله بهدف تسديد المديونية وفق الشرائح التي حددها القانون من دون تأخير، فهل يعقل معاقبتة الآن بسبب التزامه بالقانون ؟
7 ـ ما الموقف القانوني ممن صدرت لهم احكام صلح قضائي، وقام بسداد اصل الدين وفوائده وغرامات التاخير ومصاريف الادارة ؟ هل المطلوب عقابهم بهذا القانون في حال اقراره؟
8 ـ الحديث عن أن هناك حالات مدينين ما زالت الدعوة بطلب شهر إفلاسهم لم ترفع بعد كلام مسهب بحاجة إلى دليل واثبات، وان صح فيكون مواجهته بتفعيل الدور الرقابي لا بإضفاء الصفة الشرعية على مثل تلك الحالات إن وجدت.
9 ـ السؤال الذي يجب التوقف عنده كثيرا هو هل يوجد أحكام قضائية صدرت لمصلحة أي ممن أشهر إفلاسهم تقضي بإرجاع بعض المبالغ لمن صدر لمصلحتهم أحكام بالصلح القضائي ؟
10 ـ الحديث عن المساواة والعدالة هو حديث من باب التسويق للقانون الذي هو بطبيعة الحال بعيد تماما عن العدالة والمساواة، بل لا يمت لها بصلة.
11 ـ أصبح كل من يريد أن يسوق أو يطلب الدعم والتأييد لكل اقتراح بقانون يلبسه ثوب العدالة والمساواة، وهو أمر مؤسف، فالعدالة والمساواة كل، وليستا جزءا ولا انتقائية.
12 ـ من المؤسف الحديث عن أن هناك حالات إفلاس لكثير من الحالات خارجة عن إرادة المفلس ؟ إذن من المسؤول عن الممارسات المالية للمفلسين؟ وكيف يتم التعامل مع السندات التي أصدرتها الحكومة للبنوك، ووفق المعلومات المتاحة بان جزءا منها قد تم تسويته والانتهاء منه.
13 ـ هل يعقل الحديث عن تعديل للقانون بعد عشرين سنة من صدوره، وبعد أن أصدرت الحكومة سندات للبنوك محملة بفوائدها، تسديدا لمديونيات من أشهر إفلاسهم، ويأتي الآن تعديل القانون ليطبق على من أشهر إفلاسهم بأثر رجعي أي في سنة 1993 بتطبيق الشرائح عليهم، تهربا من الصلح القضائي المنصوص عليه بالقانون، والذي يقضي بدفع أصل الدين وغرامات التأخير ومصاريف الإدارة.
14 ـ القانون المقترح عند صدوره يعطي من أشهر إفلاسهم من واقع القانون 41/1993 ميزة وقف الفوائد من جهة، ويعطيهم الاستفادة من تطبيق القانون المقترح من خلال الاستفادة من نظام الشرائح المنصوص عليه بالقانون 41/ 1993 بأثر رجعي تفاديا للصلح القضائي.
15 ـ وفق تقرير اللجنة، فان استفسار وزارة المالية قائم من حيث إن التعديل المقترح لم يبين أسلوب معالجة الديون الأخرى الثابتة في حق المفلس، إلى جانب دين الدولة، ولم يحدد مصير مديونيات الدائنين الآخرين بالتفليسة، إلى جانب الدولة، وهو الأمر الذي يعكس أن الهدف من التشريع هو معالجة حالات محددة.
16 ـ نريد حالات محددة من مقدمي الاقتراحات تعكس، بان أيا ممن أشهر إفلاسهم ثبت بان أصولهم تزيد عن المستحقات عليهم في حال تطبيق الصلح القضائي.
17 ـ قد يفهم انه ليس هناك أي ممن أشهر إفلاسهم لديهم أصول أو أن أصولهم قد ارتفعت قيمتها بما يفي بمتطلبات الصلح القضائي، وإلا لماذا اللجوء إلى تعديل القانون ليطبق بأثر رجعي على ممن أشهر إفلاسهم، ليستفيدوا من نظام الشرائح المنصوص علية بالقانون 41 لسنة 1993.
عادل الصرعاوي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق