هل يمكن أن تنهض الخطوط الجوية الكويتية وترتقي بخدماتها وأدائها خلال السنوات القادمة بعد أن تتحول إلى شركة مساهمة، وربما يتم تخصيصها بشكل كامل؟ ليس هناك من أمر مستحيل إذا توافرت الإرادة والرؤية الإقتصادية السليمة.لكن الخطوط الجوية الكويتية في الوقت الحاضر تعاني تراكم الخسائر التي تحققت على مدى السنوات الماضية والتي تقارب 450 مليون دينار. كما أن هذه المؤسسة تعاني تهالك الاسطول الذي لا تتعدى طائراته الـ 17 طائرة، ناهيك عن المنافسة المحتدة في هذه المنطقة بعد تزايد أعداد خطوط الطيران في دول الخليج، وبعد انفتاح الأجواء للمنافسة. معلوم أن قطاع الطيران من أكثر القطاعات معاناة من المصاعب الاقتصادية ومن التأثر بالأزمات المالية وانعكاساتها على سلوكيات السفر والسياحة في مختلف بلدان العالم.. لذلك فإن معالجة أوضاع الخطوط الجوية الكويتية، إذا كانت هناك عزيمة لاستمرارها في المنافسة، تتطلب قرارات غير اعتيادية أو غير تقليدية.. ربما كانت عملية التحول من مؤسسة إلى شركة مساهمة خطوة إجرائية وقانونية مستحقة، ولكن يجب أن يتبع ذلك تحديد رأس المال المناسب، وكذلك تحديد المساهمين المؤهلين لملكية الشركة العتيدة. ما هو مطلوب في مرحلة التحول هو تمكين مساهم إستراتيجي يملك القدرات الفنية والتقنية والإدارية من تملك حصة مهمة في رأس المال، ومن ثم القيام بالدور المحوري في تحويل الشركة إلى خطوط طيران ناجحة خلال السنوات القادمة…
وعندما أذكر المساهم الاستراتيجي فإنني أعني شركة طيران عالمية ذات سجل حافل بالنجاحات المالية والتقنية ومستوى الخدمات. ومثل هذه الشركة لا بد أن تكون بمستوى اللوفتهانزا أو الخطوط الجوية البريطانية (BA) أو الطيران الهولندي (KLM). السؤال المهم هل تقبل أي من هذه الشركات المساهمة في رأسمال الخطوط الجوية الكويتية وتحمل المخاطر الاقتصادية المحتملة؟ وإذا لم نجد الشريك الملائم فهل يمكن التعاقد مع أي من هذه الشركات من أجل تأهيل الخطوط الجوية الكويتية والارتقاء بأدائها خلال فترة زمنية محددة ؟.. ربما أهم مما سبق ذكره يجب تحديد متطلبات تطوير الاسطول وعدد الطائرات وتكاليف شرائها، أو تأجيرها، ومن ثم تقرير رأس المال المناسب للشركة. هناك، أيضا، مسألة الخسائر المتراكمة، حيث يجب أن تحسب ضمن متطلبات رأس المال وكذلك تغطية الديون الجارية… الأمر الآخر الذي يجب الانتباه إليه أن من الخطط المطروحة هو الاستغناء عن الموظفين، ولا شك هناك أهمية لتقليص أعداد العاملين المتضخمة في الخطوط الجوية الكويتية من خلال آليات عديدة، لكن يجب أن لا يتم التفريط بالكفاءات الوطنية من طيارين وإداريين وتقنيين، حيث أن هؤلاء يمثلون ثروة مهمة قد تساعد على نهوض الشركة الجديدة وتمكينها من مواجهة التحديات القائمة والمتمثلة بالمنافسة الحادة في السوق والارتقاء بالأداء وتعزيز قدرة الشركة الجديدة على تحقيق العائد بعيداً عن الدعم الحكومي.
عامر ذياب التميمي
(باحث اقتصادي كويتي)
ameraltameemi@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق