صالح الشايجي: الفرصة المواتية

الفن مثل العلم «يبني بيوتا لا عماد لها».

وما أفسدته السياسة يصلحه الفن وسائر الأنشطة الإنسانية الأخرى، والسياسة على رغم أهميتها وتجذرها في عروق أي بلد فإن من يتولاها في أغلب الأحيان ـ لا كلها ـ هم أدنى الناس شأنا وفهما وقدرة وكفاءة.

حينما كنا في بلادنا نعلي قدر الفنون ونوليها اهتمامنا استطعنا أن نرسم لبلادنا خارطة في العيون البعيدة، وعرفنا الناس من فنوننا وفنانينا أكثر من معرفتهم بكمية النفط الذي نصدره أو مواد الدستور الذي لا نملك الان سواه للتباهي الكاذب به.

لولا الفنون لكانت الكويت نسيا منسيا ولما عرفها دان ولا سمع بها قاص، وبمجرد ان أهملنا فنوننا وزجرنا فنانينا وشككنا بقيمتهم الإنسانية تراجع كل شيء جميل ليحل محله كل شيء قبيح.

وأعتقد الآن ان الفرصة مهيأة لنعيد الماضي الجميل محل الحاضر الكئيب الباكي، فبعد أن تخلصنا من الغلاة في دنيانا السياسية والذين وسعوا كثيرا في ملعب السياسة وصار كل الناس يلعبون على ملعب السياسة، بات بإمكاننا أن نعيد للكويت بهاءها من خلال تنشيط الفنون وإيلائها الاهتمام الكافي ونعيد للمسرح الكويتي والأغنية الكويتية بريقهما المفقود، ونعيد من ضل عن جادة الفن إلى رشاد الفن وقيمه الإبداعية والإنسانية، ولنبدأ بإعادة برامج الترويح السياحي التي كان معمولا بها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي والتي كانت تملأ نفوس الكويتيين فرحا وتزرع في قلوبهم السعادة وتخفف عنهم وطأة الصيف اللاهب، ولنعد للإذاعة فرقتها الموسيقية التي كانت تنتج لنا أبدع الألحان وأجمل الأصوات، ولنجعل الكويت مركزا فنيا يرد إليه أهل الفن ظمآنين من كل حدب وصوب، حتى بلغنا أقصى المغرب وتقاطر على إذاعتنا فنانوه ليجدوا مبتغاهم لدينا فغنوا وأبدعوا.

ولنعد المسرح كما كان مركزا للإشعاع والتنوير وحتى الترفيه ولنساعد زمننا العقيم على توليد طاقات إبداعية تواكب الزمن وتجمل أركانه المظلمة.

لابد من انحسار الضوء عن الساحة السياسية وعن السياسيين ليعلو قدر الفن ـ وهذا حادث الآن ـ وهي الفرصة التي أقول بضرورة استغلالها لإعادة الاعتبار للفن.

katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.