إبراهيم أديب العوضي
استبشرنا خيرا مع افتتاح الفصل التشريعي الجديد بوجود غالبية برلمانية تشكلت من 35 عضوا، بمجلس للأمة يكون مثالا للإنجاز والمراقبة نظرا لقدرة هذه الغالبية على تكييف وتسيير الأمور داخل المجلس بحكم سيطرتها على غالبية الأصوات. ولعل مبعث هذا التفاؤل هو عدم وجود أي حجة لهؤلاء النواب في تفعيل دورهم الرقابي والتشريعي من خلال إصدار القوانين التي تراعي المصلحة العامة وتحسن من النظام الديموقراطي، وتفعل أدوات الرقابة وتزيد من المحافظة على المال العام، وتمنع التلاعب في مقدرات وخيرات البلاد، وتقمع ممارسات شراء الذمم واستخدام المال السياسي، وتوسع نطاق الحريات إضافة إلى تفعيل خطة التنمية التي بمفردها قد تنقل البلد من حال إلى حال.
ولا ننسى ضرورة ملامسة النواب الحاليين لهموم المواطن ومشاكله من خلال السعي إلى تحسين الخدمات الصحية وحل المشكلة الاسكانية والتي ينتظر من خلالها المواطن الكويتي لأكثر من عشر سنوات حتى يتسنى له الحصول على مسكن العمر، بالإضافة إلى القضية التعليمية والتي أخذت حيزا واسعا خلال الفترة الماضية من خلال تعذر جامعة الكويت عن قبول عدد من الطلبة على الرغم من تجاوزهم لشروط النسب المطلوبة إلا أن الطاقة الاستيعابية للجامعة قد تسببت في رفض بعضهم.
كذلك فإن أمام أعضاء المجلس مهمة حل المشكلة الرياضية، فمن غير المعقول ولا المقبول أن تستمر هذه المشكلة لفترة تزيد على خمس سنوات سببها في ذلك صراع أقطاب هيمنوا على مكامن القرار الرياضي لتصبح الكويت هي الضحية دون غيرها، بالإضافة إلى تبتكار حلول واقعية وملموسة قائمة على أساس العدل والمساواة في معالجة الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالكويت والتي ما زالت تلقي بظلالها على واقع الحال الاقتصادي، ولا ننسى كذلك قضية الكوادر والزيادات والتي أخذت حيزا إعلاميا ونيابيا واسعين.
ونود أن نذكر نوابنا الأعزاء، أن الحراك الذي أسقط الحكومة والذي على اثره تم حل المجلس، قد قام على أسس ومواضيع محددة وواضحة، وأن من أهم مطالبه إقرار قانون الذمة المالية ومكافحة الفساد واستقلال القضاء وإشهار الأحزاب وتحسين نظام الانتخاب من خلال إعادة النظر في توزيع الدوائر الانتخابية وملاحقة سراق المال العام والكشف عن قضية الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية المشبوهة ومحاسبة كل من ساهم في هذه القضايا حتى يكون عبرة لغيره.
لكننا مع الأسف نشاهد اليوم أن الغالبية البرلمانية قد حادت عن النهج المتوقع منها، فما حدث في جلسات المجلس الماضية من خطابات طائفية بغيضة وهادمة وما شهدناه من توجهات ورؤى مشتتة وإقتراحات وقوانين لا تمت لتطلعات الشارع بصفة وكذلك من تصريحات مقززة كتلك التي دعا فيها النواب إلى إزالة الكنائس وتكسير التحف وإقرار قانون الحشمة وقانون فرض الحجاب، ما هي في واقع الأمر إلا استمرار لنهج المجلس السابق في إضاعة تطلعات الشعب وتحقيق آمالهم وطموحاتهم.
وإن كنا في بداية الفصل التشريعي، إلا أن نواب الغالبية ومواقفهم على المحك وهم أمام فرصة ذهبية لن تعوض برأيي الشخصي، ونذكرهم بأن من أوصلهم للمجلس هم أول من سيقوم بمحاسبتهم في صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة، وما مخرجات المجلس الحالي إلا دليل على قدرة الناخب الفعالة في تغيير أعضاء المجلس كلٌ على حسب أهوائه وميوله. فالغالبية البرلمانية امام خيارين لا ثالث لهما وهما: تحقيق تطلعات وطموحات الشارع أو العودة إلى ما كانوا عليه قبل انتخابهم كأعضاء لمجلس الأمة، فلكم الخيار يا أعضاء!!!
Email: boadeeb@yahoo.com
Twitter: @ibrahimAalawadi
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق