سارة المكيمي: أتفاءل بالخير ولا أجده!


سبمبوت
لا أجد منطقاً كفاية يقتنع به أي عقل في ما اقره مجلس الأمة من قانون يعاقب شاتم الذات الإلهية والنبي عليه الصلاة والسلام وآله وزوجاته بالاعدام! ببساطة, منذ متى كان الموت عقوبة سائغة لذنوب مستجدة? على أي أساس مرجعي وشرعي استند المجلس في الإلزام بالقصاص الأقصى لذنب شفهي? لو نظرنا حولنا وحول العالم لوجدنا ان عقوبة الإعدام في اضمحلال! حتى المجرمون الذين لم يقتلوا نفسا واحدة, بل نفوساً, وربما العشرات منها اصبحوا يرتعون في السجون الى ان يتعفنوا ويفنوا فناء طبيعيا لم تتدخل فيه يد الإنسان, ولم تزهق روح بفعل بشري! العبرة من إلغاء عقوبة الإعدام في غالبية الدول الأوروبية وأكثر الولايات الأميركية هي مفهوم أن العقوبة يجب ألا تساوي الذنب! فإن اقترف القاتل فعل القتل وأزهق روحا بغض النظر عن ان كانت بريئة او مذنبة, من وجهة نظره, فإن القانون والقضاء والتشريع يجب ألا يعامله بالمثل, ويقترف الخطأ الشنيع ذاته بإزهاق روح من الممكن ان تتوب وتؤوب وترجع إلى الصواب فيكون المجتمع قد وفر روحا الأصل فيها العودة لإنسانيتها وصوابها, وليس العكس. “القتل” بحد ذاته خطيئة كبرى, فكيف نحلها بإعادة ممارستها?
وإن كان الله غني عن العباد, فبأي حق ينصب العباد في هذه الأرض أنفسهم مدافعين عن الواحد الأحد القوي الجبار المتكبر بأن يزهقوا نفسا هو خالقها, نفخ فيها من روحه وجعلها في الأرض تذنب وتتعلم وتتوب وتعود كواحدة من أساسيات الحياة وأعمدة الإنسان الذي خلق من طين ليعمر في الأرض ويتعبد كل ودينه وفكره وسبيله في كيفية إيجاد الله, حبه, والخضوع إليه!
قرأت في “تويتر” أحدهم كتب ” ودخلت الكويت عصر الظلمات” ما إن أقر المجلس قانون قتل المسيء المتلفظ! وإن كان ذلك القضاء يتردد مليا في قتل النفس المرتكبة لجريمة قتل واضحة المعالم مطعمة بالدلائل والبراهين وأحيانا ويكون “الاعتراف” سيدها في سبيل نثر نفحات المغفرة التي عرف الغفور الرحيم بها وعلمها لعباده الذين لا يصلون عُشر رحمته, فلا شك ان النواب نسوا او تناسوا المبدأ ذاته عندما اقروا قانون قتل المسيء باللفظ, ربما ليكون عبرة وعظة للناس أجمعين!
المشكلة الأكبر أن جريمة القتل بائنة واضحة ونتائجها مطردة وقياسية: إزهاق روح, محو شخصية إنسانية من الوجود, انقطاع رزق, ترمل زوجة وتيتيم أطفال وترويع ام وأسرة وعائلة! ولكن جريمة اللفظ مطموسة ومقننة ومنتهية ما إن تخرج الكلمات وتقفل الأحناك! من سمعها في غالبية الأحيان أشاح وجهه مستغفرا, ومن لم يسمعها بريء من نواصيها وتعدي آثارها.
نحن لا نقول هنا ان الإساءة للذات الإلهية والنبي الكريم وأهله وصحبه أمر مستخف به, ولكنه في النهاية رأي دار في الرأس, نطق به اللسان تعبيرا عن قناعات نختلف معها, ونبتعد عنها تماما. ولكن الاختلاف كمبدأ ليس كافيا أبدا لمحو شخص من على وجه الحياة!

sjm1306@gmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.