صلاح العتيقي يقترح الاستعانة بالخبرات الامريكية لوضع خطة للنهوض بالخدمات الصحية

قدم النائب د.صلاح العتيقي اقتراحا برغبة جاء في مقدمته: قد يتساءل كثيرون عن الطابع السلبي الغالب على وزارة الصحة، بالرغم من الجهود الحثيثة التي يبذلها بعض المسؤولين والقائمين على العمل، وبالرغم من الميزانيات المتعاظمة سنة بعد أخرى، ولماذا أصبحنا في مؤخرة ركب الدول المجاورة، ولا أقول الدول المتقدمة فهذا بعيد المنال، ولماذا أصبحنا نبعث مرضانا الى كل أصقاع الأرض، بما فيها السعودية ومصر والإمارات بعد ان كانوا يأتون إلى الكويت لسمعتها الطيبة السابقة في هذا المجال، أستطيع القول وبكل ثقة انها مسؤولية القيادة وإدارة الدفة، انها الفرق بين العلم والجهل، انها الاختيار غير الموفق في غالب الأحيان، انها المعايير المفقودة فيمن يتولى المناصب القيادية، انها انعدام التخطيط وغياب الاستراتيجية.
ان مراكز صنع القرار بالوزارة هرمة تعكس بامتياز الوضع السائد والعجز المستفحل في التحرك نحو المستقبل، فالعمليات الارتجالية التي تقوم بها الإدارة تدعو للرثاء، فالتطوير لديهم هو تدوير المديرين وتغيير مراكز القياديين وترقية بعضهم اعتمادا على معايير فاسدة عفا عليها الزمن كالوكلاء والانتماء الحزبي والعائلي والتبعية القبلية والطائفية، علاوة على أحب هذا وأكره ذاك من دون اللجوء الى المعايير الموضوعية التي تعتمد عليها الدول المتقدمة كالشهادة المناسبة والخبرة ومدى كفاءة الشخص ومساهمته لدفع عجلة التطور والارتقاء بها كما ونوعا وعظم المسؤوليات الملقاة على عاتقه، هذا التهميش والإهمال لهذه المعايير أدى الى الإحباط وعدم الاكتراث لدى الكثيرين ممن يستحقون ان يتبوأوا المراكز التي تليق بخبراتهم وشهاداتهم.

وأضاف: أتدرون كيف كانت تدار الوزارة قبل الغزو؟ كانت تدار ببساطة شديدة من خلال 3 وكلاء مساعدين ووكيل أصيل، وكانت الأمور في غاية الانضباط والروعة، الآن لدينا 14 وكيلا يتنازعون السلطات وبينهم ما صنع الحداد.

من بعد الغزو لم توفق الوزارة بوزير لديه اختصاص بالإدارة الطبية مع توافر هذه النوعية، ولكن مع الأسف لا أحد يلتفت الى هذه المنطقة المضيئة، معظم من أتى من الوزراء ليس لديهم فكرة عن الطريق الذي يسلكونه لينتهي بهم المطاف بالتعلق بأول متسلق او منافق يصادفونه ليرتقي فوق الجميع لتبدأ سلسلة التخبط والضياع مرة أخرى، لقد أهدرت الكثير من الأموال في توافه الأمور، وتركت الخدمة الأساسية لعدم وجود أولويات أو تخطيط.

كل الجهود منصبة لحل المشاكل اليومية وردود أفعال ولكن لا يوجد خطة لتفادي وقوع هذه المشاكل، ولن أتكلم عن مئات الملايين التي صرفت على العلاج في الخارج، فهذه تحتاج الى مجلد كامل (كتب عنه في السابق ولكن لا حياة لمن تنادي) هذا السلوك الخطر أدى الى الكثير من المعوقات لمقدمي الخدمة ومتلقيها. دعوني أتكلم بإيجاز عن الخدمة الصحية التي كانت فيما مضى من أعلى المستويات، ولكنها تردت لغياب الرؤية المستقبلية للخدمات، فمنذ عشرات السنين لم يبن مستشفى واحد جديد، ومعظم التجديدات التي ترونها في المستشفيات قام بها المحسنون، انظروا الى أقسام الحوادث في المستشفيات تروا العجب العجاب، المرضى يتكدسون ساعات طويلة بانتظار سرير في غرفة لا يميزها شيء سوى انها عزيزة في بلد حباه الله بكل مقومات النجاح، انظروا الى الأشعة والمختبرات والصيدليات وفي كل جانب هناك مأساة يطول الحديث عنها، انظروا المواعيد التي تصل الى شهور لرؤية اختصاصي او استشاري في احد المستشفيات.

واستطرد: للخروج من مأزق تردي الخدمات نحن نحتاج الى ولادة أنظمة جديدة وأفكار جديدة ورؤية جديدة ورجال جدد، وكذلك الى قرار شجاع من أعلى المستويات بخطة لا يمكن النكوص عنها في اول عقبة تصادف المسؤول او اي تشكيل وزاري جديد. ان التاريخ يعلمنا ان الذين يستطيعون ان يأخذوا المستقبل بعين الاعتبار هم الذين يتوقون مفاجآته ويبلغون غاياته. يجب منذ الآن الالتزام والتصميم على الدور المؤسسي في إدارة الخدمات بمعنى عدم الاعتماد على الأشخاص في تسيير دفة العمل ودورها في حل المشاكل بل على النظام السلس المخطط له تخطيطا سليما وألا تكون الإدارة هي إدارة ردود الأفعال بل إدارة مبادرة لتلافي المشاكل قبل وقوعها والاعتماد على نظم متطورة لبيانات شاملة معتمدة على تحليل الأرقام والإحصائيات وللوصول الى هذا الهدف نحتاج الى خطة تبدأ بدراسة الوضع الحالي كمنطلق وتوجيه جميع الموارد المالية والبشرية لتنفيذ هذه الخطة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وألا يكون هناك عائق بينه وبين صاحب القرار آخذين بعين الاعتبار البيروقراطية وكيفية القضاء عليها والانتباه الى الاستخدام الأمثل للحوادث والأدوية والمختبرات والأشعة والاهتمام بالتعليم الطبي والبحوث الطبية والاهتمام بالرعاية الصحية والأولوية وهي حجر الأساس والتوعية الصحية للمواطنين حتى لا يسيئوا استخدام هذه المرافق.

لذلك فإنني أقترح ان يشكل فريق عمل متخصص يستعين بخبراء من الولايات المتحدة وخصوصا جامعة هارفارد او جونز هوبكنز لوضع خطة متكاملة للنهوض بالخدمات الصحية وتسخير جميع الموارد الموجودة في مستشفيات ومراكز صحية ولتنفيذها ومعاهد بحثية وتمريضية مع الاستعانة بخدمات بعض الوزارات ذات الصلة.

بهذه الخطة أقترح ان تكون الأهداف المراد الوصول اليها في عام 2018 هي: بحلول 2018 يجب ان يزداد معدل الحياة بدون أمراض معوقة في حدود 10% وألا يقل متوسط العمر عن 80 سنة أسوة بالدول الغربية.

وبحلول 2018 يجب ان تختفي جميع الأمراض الوبائية خصوصا ما يتعلق بالأطفال كالحصبة والشلل والدفتيريا وغيرها.

وبحلول 2018 يجب ان تقل وفيات الأمراض السرطانية الى أقل من 15% لمن تقل أعمارهم عن 65 عاما.

وبحلول 2018 يجب ان تقل الوفيات نتيجة أمراض الجهاز الدوري تحت 65 سنة الى اقل من 15%.

وبحلول 2018 يجب ان تقل وفيات الحوادث بمقدار لا يقل عن 25% لحوادث الطرق والمصانع والبيوت.

وبحلول 2018 يجب ان يكون هناك انخفاض للسلوك الخطر لدى الأفراد كالكحول والمخدرات والاستعمال المفرط للأدوية والتدخين.

وبحلول 2018 يجب ان يكون تقديم الخدمات الأولية في المناطق الصحية بها من التخصصات الوقائية والعلاجية والتأهيلية والخدمات المساعدة الأساسية لتحسين نمط الحياة آخذين بعين الاعتبار المعرضين للأخطار.

وبحلول 2018 يجب ان يكون العمل في مراكز الصحة (المستوصفات) تعاوني وله الأولوية بين مقدم الخدمة والمستفيد منها كالأفراد والعائلات وأفراد المجتمع المدني.

وبحلول 2018 يجب ان يتناسب عدد الأسرة في المستشفيات مع عدد السكان بحيث لا يكون هناك عائق لدخول المريض كما هو حاصل الآن.

وبحلول 2018 يجب الا يكون هناك عائق مادي او أدبي لحصول الفرد على خدمة جيدة مهما كانت جنسيته او أصوله او وضعه الاجتماعي.

وبحلول 2018 يجب ان يحصل جميع المواطنين على ماء نظيف وبحر نظيف وهواء نظيف غير ملوث وطعام خال من المواد المضافة والمسرطنة.

وبحلول 2018 يجب ان يكون هناك سلوك عام بالحفاظ على البيئة الخالية من الملوثات مع الحرص على ان يكون الجميع مشتركين في هذه الحملة.

وبحلول 2018 يجب على الدولة ان تضع أماكن علمية لرصد الملوثات التي تؤثر في صحة الإنسان كالمواد الكيماوية والخطرة والإشعاعية والمواد البيولوجية مستعينة بتشريعات خاصة للتخلص من النفايات في أماكن العمل.

ولنجاح هذه الخطة يجب ان تتضافر جهود جميع الوزارات والهيئات والقطاع الخاص من خلال تشريعات تضمن الارتقاء بالصحة ونمط الحياة والتأكد من انخراط الجميع في هذه الخطة وان يواكب هذا النشاط برامج تعليمية في المدارس والكليات والمعاهد لضمان سلوك صحي ومعرفة سليمة للأمور المؤثرة في حياة الإنسان مع وجود حوافز للأفراد والجماعات.

هذه بعض الأفكار التي كنت آمل الوصول إليها وأرجو ان تتحقق وبدونها فعلى الصحة السلام.

 

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.