أخيراً بدأنا نسمع أصواتاً من البرلمان، وأصواتاً داخل القطاع الحكومي ترد على الخلل في التركيبة السكانية، ورغم بساطة الحلول المطروحة التي سمعناها، مثل تحديد أعداد الوافدين سنوياً، وتقنين عدد العمالة وهو يعكس فكراً سطحياً يبسّط المشكلة السكانية.
المشكلة السكانية تاريخياً ارتبطت بالتطور الاقتصادي للبلاد، ومع ظهور الثروة النفطية، حيث تضاعفت التركيبة السكانية، وأصبحت الكويت بلداً جاذباً، ومررنا بمحطتين تاريخيتين، الأولى كانت مع نهاية الخمسينات حتى 1990مع الغزو العراقي للكويت، والفترة الثانية فترة ما بعد التحرير، حيث انتهت الفترة الأولى تاريخياً، وأضاعت الكويت فرصة تاريخية للسيطرة على التركيبة السكانية والخلل فيها.
اليوم، ونحن نعيش في المرحلة الثانية يشكل الكويتيون ما يقارب %30 والأجانب %70، ويصل التعداد الكلي للبلاد إلى ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، يشكل الكويتيون منهم مليوناً ومائة ألف حسب تقديرات وزارة التخطيط لعام 2010، والبقية هم من الوافدين، وينقسم، أيضاً، الوافدون إلى عمالة منتجة وهي أقلية، وعمالة هامشية رخيصة يشكل منها فقط العاملون في المنازل من خدم وسواق قرابة المليون، وتتوزع البقية على القطاعات التي لا يعمل فيها أبناء البلد، وهي عوامل تشكل ضغطاً على الخدمات العامة من صحة وتعليم وكهرباء وماء ومرور والمشاكل الاجتماعية المرتبطة بهذا الخلل السكاني.
لذا، فإن أي حلول تضعها الدولة، خصوصاً وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، يجب أن تكون حلولاً معمّقة، وفقاً لدراسات احتياجات البلاد على مدى أكثر من عشر سنوات، ولا تكون حلولاً ترقيعية على شكل تحديد نسب للعمالة سنوياً للترحيل أو تقنين مدة العمالة أو وضع نظام كوتة، بحيث تكون لكل جنسية حصة معينة.
هذه الحلول الترقيعية، وعلى مدى قصير من الزمن، ستكون آثارها عكسية، الحلول يجب أن تشارك فيها الجهات الأمنية والاقتصادية، ومراكز الأبحاث والجامعة، وتضع في الاعتبار أولوية تدريب أبناء الكويت على المهن والحرف، وإحلالهم والاستغناء عن بعض الخدمات والمهن التي يستطيعون العمل فيها، ووضع خطط قابلة للتنفيذ تأخذ بعين الاعتبار أن الكويت بلد مفتوح، وأن الأخوة الوافدين جزء من طبيعة التركيبة السكانية، وأن يكون هذا الموضوع عرضة لنقاش عام، وألا يكون على شكل حلول ترقيعية تكون آثارها وخيمة على المستقبل وأكثر كارثية.
المصدر: جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق