ما لم تبحث «المعارضة» الكويتية وتدرس، بجدية وشفافية، أسباب انخفاض تأثيرها على السلطة وعلى الرأي العام، فإنها لن تستطيع النهوض مجددا. وليس من المجدي على الإطلاق الاستمرار في المعالجات السطحية للأزمة التي تعيشها «المعارضة»، ولن تكفي المجاملات ولا حلول الوسط ولا حتى محاولات تقريب وجهات النظر. فبعض الخلاف الدائر وسط المعارضة سياسي بحت تتعارض وتتناقض فيه قناعات نواب في كتلة «الأغلبية». وبعض الخلاف شخصي بحت أفرزته بيئة التنافس غير المحمود بين أعضاء في «الأغلبية» وفي الوسط الشبابي أيضا. ولا أغفل بالطبع تأثير «الاختراقات» التي نجحت فيها السلطة في صفوف المعارضة بكل أطيافها. إن القول بأن «الأغلبية» متماسكة هو قول فارغ ويخالف الواقع.. والقول بأن الوسط الشبابي متجانس هو قول غير سديد أيضا ويخالف السائد. إن الخلافات والتناحر والاختراق في صفوف «المعارضة» أفقدها تأثيرها وشتت شملها.
وبالطبع هناك أسباب أخرى تكتسب أهمية قصوى من بين أسباب ضعف «المعارضة»، ويأتي في صدارة تلك الأسباب عدم وجود فكرة مركزية متفق عليها بين كافة أطياف المعارضة. فهناك من يشارك في «المعارضة» متأهبا للانتخابات، أي أن هدفه النهائي في المعارضة هو بلوغ مرحلة الانتخابات. وفي هذا الفريق هناك من يرى أن فرصته في النجاح والعودة إلى مجلس الأمة تكمن في عودة النظام الانتخابي السابق، لذلك هو يريد أن يكون سقف الخطاب منخفضا وفي حدود ما يلزم لتحقيق عودة النظام السابق. وهناك من يرى فرصته في العودة سانحة وفق نظام الصوتين، لذلك فهو مستعد للحوار والتفاوض مع السلطة، وجميع هؤلاء لا تحمل معارضتهم ثمة مشروع سياسي عام بقدر ما هي تتضمن مشروعاً انتخابياً خاصاً. ولعل بعض التفكك الحالي في جبهة «الأغلبية» سببه رغبة بعض الأعضاء في الترشح في الانتخابات القادمة أيا كان النظام الانتخابي!
أما على صعيد «تنسيقية الحراك»، فإنها تعتمد على «الندوات» كوسيلة «للنضال» السياسي، وكانت آخر ندوة نظمتها «التنسيقية شهدت حضور أقل من (100) شخص حتى أن المتحدث الرئيسي انسحب بسبب ضعف الحضور!
أما على صعيد «ائتلاف المعارضة»، فإنه وإن كان يحظى بقاعدة شعبية لا بأس بها، ويحمل مشروعه السياسي المعلن وهو السعي للحكومة «المنتخبة»، إلا أنه يبدو تائها في وضع آلية تحقيق هذا المشروع، «فالحكومة المنتخبة» مشروع بعيد المدى، ويحتاج إقراره إلى توافق عام في المجتمع، فضلا عن حاجته إلى معارضة متجانسة وموحدة. ويبدو لي أن «ائتلاف المعارضة» لا يملك سوى الندوات والاعتصامات وزيارات الديوانيات كوسيلة لتنفيذ مشروعه!
إن المطلوب هو دراسة جدية لأسباب إخفاق «المعارضة» في تحقيق تقدم.. فلماذا تجاوب الرأي العام معها وخرج الناس بالآلاف إلى الشارع قبل انتخابات «الصوت الواحد»؟ ولماذا هجر الرأي العام «سوق المعارضة» اليوم؟!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق