بعد موافقة ومصادقة مجلس الأمة بجلسته بتاريخ 20 مارس 2013 على الاقتراح بقانون بتحديد العدد الذي يجوز منحه الجنسية الكويتية سنة 2013 (أربعة آلاف شخص)، فإن هناك استحقاقا على الحكومة بالاستفادة من تجارب الماضي بشأن عمليات التجنيس وما شابها من سلبيات.
ولابد من تأكيد أن ملف التجنيس هو صنيعة حكومية 100 في المائة منذ بدايتها، عندما كانت تستخدمها تارة في ضرب الديموقراطية وتارة أخرى لكسب الولاءت والود السياسي عند حدوث أي أزمات سياسية.
وعند الحديث عن ملف التجنيس يجب التطرق بكل تقدير لنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الشؤون محمد العفاسي للجهود التي بذلها والإخوة ممثلي الجهات الحكومية، عند بحث ملف حقوق الإنسان باللجنة الدولية لحقوق الإنسان بجنيف مايو 2010 عندما حصلوا على إشادة الدول الأعضاء لما حققته الكويت بهذا الملف، فمسألة التجنيس لابد ان تتوافر فيها متطلبات التجنيس، لا أن يتم تجاهلها على حساب من لا تنطبق عليه متطلبات التجنيس المعتمدة، وعلى مجلس الوزراء أن يضطلع بمسؤولياته تجاه هذا الملف، كونه أمرا سياديا وقرارا مصيريا، ويعطيه حقه من البحث والدراسة، فما يتعامل معه مجلس الوزراء هو ملف لا يقل أهمية عن الملفات السيادية الأخرى للدولة، وليس ملفا ثانويا لذلك يجب التصدي له بكل حزم وجد.
وفي ما يلي أبرز الملاحظات التي سجلناها في التعامل مع ملف التجنيس:
• يتمثل دور مجلس الوزراء من خلال مناقشة وإقرار الأسس التي يتم عليها منح الجنسية بعيدا عن المجاملات والترضيات وكسب الولاءات.
• يجب التعامل مع هذا الملف بمسؤولية تضامنية وليست مسؤولية وزير بعينه دون باقي الوزراء، حيث إن التجارب السابقة عكست بأن مثل هذا الملف تم إقراره تحت بند ما يستجد من أعمال، وهو الأمر الذي لا يعكس جدية بالتعامل مع مثل هذا الملف.
• بكل تأكيد يجب أن يكون تقرير لجنة التحقق من ملابسات منح الجنسية بموجب المرسوم رقم 2007/397 لبعض الأشخاص ممن لا تنطبق عليهم الشروط القانونية (ما اصطلح علية لجنة ثامر الجابر) التي شكلت وفق قرار مجلس الوزراء رقم 1135/ ثالثا المتخذ باجتماعه رقم 59 – 2008/2 المنعقد بتاريخ 2008/11/3 برئاسة الشيخ ثامر جابر الأحمد الصباح (القبس 2009/7/5) ماثل بكل إسقاطاته ونتائجه أمام مجلس الوزراء قبل البدء بتنفيذ القانون الصادر مؤخرا، حتى لا نجد أنفسنا أمام تكرار الخروقات والسلبيات التي صاحبت عمليات التجنيس مؤخرا.
• وللتذكير فان نتائج لجنة التحقيق المشار إليها أثبتت عدم توافر شروط منح الجنسية الكويتية في 33 حالة من أصل 556 ملفا إجماليا من تم تجنيسهم بالمرسوم المشار إليه أعلاه، فهل نريد تكرار ذلك؟
• بخلاف الحالات التي عرضت على مجلس الوزراء بجلسة 2008/11/4، والحالات التي نظرتها إدارة الفتوى والتشريع، وعددها 4 حالات، الأمر الذي أوصت بموجبه باتخاذ الإجراءات اللازمة لسحب الجنسية من هؤلاء الأشخاص وفق رأي إدارة الفتوى والتشريع بخصوصها بموجب كتابها رقم 101 بتاريخ 2009/1/7 ورقم 478 بتاريخ 2009/1/25.
• تمت مخاطبة وزير الداخلية من قبل اللجنة بخصوص وجود 4 أشخاص صادرة ضدهم أحكام قضائية وغير متوافرة في ملفاتهم التي تم بحثها والطلب من الإدارة العامة للتحقيقات نسخا عن هذه الأحكام الصادرة في حق المذكورين، وذلك ليتم النظر في مدى انطباق قانون الجنسية عليهم من عدمه من قبل إدارة الفتوى والتشريع، فهل نريد تكرار ذلك؟
• تبين وجود حالة واحدة صاحبها انتسب إلى الجيش الشعبي العراقي خلال الغزو العراقي الغاشم على البلاد، فهل نري تكرار لمثل تلك الخروقات؟
• تبين وجود حالة واحدة نتيجة فحص البصمة الوراثية سلبية لجميع أبنائه.
? التأكد من الهيئة العامة للمعلومات المدنية في حال اتخاذ قرار سحب الجنسية عن المذكورين، ما إذا كان احدهم متوفى أم على قيد الحياة.
• تبين وجود 88 ملفا من أصل 556 لم يقم أصحابها بعمل البصمة الوراثية، كل ذلك من باب التسويات السياسية على حساب سيادة البلد.
• تبين وجود 34 ملفا تباينت أسماء أصحابها الواردة في المرسوم الصادر بتجنيسهم عن أسمائهم المقدمة من قبلهم لطلب الجنسية والواردة في وثائقهم الرسمية كجوازات السفر الخاصة بهم أو بياناتهم المسجلة في الهيئة العامة للمعلومات المدنية، ونوصي بتكليف اللجنة العليا للجنسية بتعديل المرسوم الصادر بأسمائهم من واقع مستنداتهم الرسمية، فهل يعقل أن يحدث ذلك ببلد مؤسسات؟
• إعادة النظر في القيود الأمنية وتحديثها أولا بأول، والتحقق من سلامة ودقة المعلومات الواردة فيها مع تحديد الآثار المترتبة على تلك القيود كل بحسب طبيعته ومداه.
• كما أن تقرير لجنة ثامر تضمن مجموعة من الاقتراحات العملية والدقيقة الكفيلة بعدم تكرار تلك الأخطاء التي هي بطبيعة الحال مستحقة على مجلس الوزراء الاطلاع عليها وأخذها بالاعتبار عند بحث هذا الملف.
• بكل تأكيد يجب أن يكون من يشملهم عمليات التجنيس هم من تتوافر فيهم متطلبات التجنيس، بعيدا عن الترضيات والتجنيس السياسي علي حساب البلد وسيادته.
• يجب ألا نكرر التجربة السابقة بأن هناك كشوف تجنيس باسم كشف أعضاء مجلس الأمة الحاليين، وكشف أعضاء مجلس الأمة السابقين وكشف الوزراء الحاليين وكشف الوزراء السابقين، وكشف الشخصيات العامة وكشف الشيوخ، وكشف مجلس الوزراء وكشف الديوان الأميري وغيرها من الترضية السياسية، وكل ذلك على حساب من تتوافر فيهم متطلبات منح الجنسية.
• الكل يتذكر أن هناك حالات تم سحب الجنسية منهم لأخطاء جسيمة بالبيانات التي بناء عليها تم منحهم الجنسية.
• هناك حالات تم إعفاء أصحابها من إجراءات البصمة الوراثية بما يخالف الإجراءات المعتمدة لمنح الجنسية بناء على ترضيات سياسية على حساب سيادة البلد.
• هناك حالات تم تجاوز القيود الأمنية المثبتة بحقهم بما يخالف الإجراءات المعتمدة لمنحهم الجنسية بناء على كسب الولاءات أو مقابل مواقف سياسية.
• هناك حالات تم منحهم الجنسية، صادرة بحقهم أحكام قضائية مخلة بالشرف والأمانة، اضطرت الحكومة لاحقا إلى وقف منحهم الجنسية لحين التثبت من قانونية منحهم الجنسية، بل تعدى ذلك إلى إسقاط الجنسية وسحبها منهم.
• يجب عدم تجاوز القيود الأمنية وفق الضوابط المعتمدة لمنح الجنسية بحجة أنها بمجملها كيدية وتعسفية وعدم اختزالها بأنها بمجملها مخالفات مرور وما شابه ذلك.
• يجب أن تكون الهيئة العامة للمعلومات المدنية جهة رئيسية مشاركة بهذا الملف، لما لديها من معلومات وبيانات موثقة يمكن الاستناد إليها.
• وإن كان الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية مختص فقط لفئة غير محددي الجنسية (البدون) فإن تجربته وإدارته المميزة بقيادة الأخ الكبير صالح الفضالة وكل الزملاء بالجهاز عطفا على دورهم الوطني تحتم على مجلس الوزراء الاستفادة من خبرته في هذا الملف، بل يجب ان يكون مشاركا رئيسيا بإدارة هذا الملف لضمان عدم تكرار تجاوزات الماضي.
• يجب أن يكون ملف التجنيس بعيدا عن التجاذبات السياسية وألا يستخدم لدعم طرف على حساب آخر.
• يجب ألا يدفع ملف التجنيس فاتورة دعم المجلس الحالي على حساب المجالس السابقة.
• نتمنى ألا يستخدم ملف التجنيس كأحد أدوات العبث السياسي لضرب الديموقراطية من خلال دعم طرف على حساب آخر، ولكسب الولاءات على حساب سيادة القانون وهوية البلد.
عادل عبدالعزيز الصرعاوي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق