كلما أقرأ مقالة منشورة للاستاذ بدر سلطان بن عيسى تعود بي الذاكرة الى نصف قرن من الزمان الى زمن الستينيات من القرن الماضي عندما كان ابو ايمن يصدر جريدة «هذا الاسبوع» والتي كانت تحتوي صفحاتها القليلة الموضوعات الشيقة والخفيفة واخبار النجوم والعروض الاسبوعية للافلام التي كانت تقوم بعرضها دور السينما الكويتية. الا ان ابا ايمن ما لبث ان باع امتياز (هذا الاسبوع) الى الاستاذ عبدالله بشارة الذي كان يشغل آنذاك مدير مكتب وزير الخارجية. فغير ابو المعز امتياز الجريدة الى جريدة سياسية جامعة وتغيير اسمها الى «اليقظة» والتي لا زالت تصدر ولكن بطابعها الفني والاجتماعي.
تحت عنوان «انتخابات تفصيل» كتب ابو ايمن مقالة في الاسبوع الماضي قارن فيها بين دشاديش اللاس والتي خربها عليه الخياط الهندي، فتقلصت من دشاديش الى قمصان ولكن لم تفلح المحاولة وفي الاخير طاحت القمصان بچبده وبين انتخابات مجلس الامة الاخيرة والتي تقلص التصويت من اربعة الى الصوات الواحد.
مقارنة الاستاذ بدر الصوت الواحد بدشاديشه التي تقلصت الى قمصان قد تكون مهضومة من حيث المقاربة، لكن في الواقع السياسي لا مقاربة ولا يحزنون..!!
انا افهم الذين عارضوا وقاطعوا الانتخابات الاخيرة (الصوت الواحد) من نواب المجلس المبطل او من غيرهم وبخاصة القبائل قاطعوها لا بذريعة ان الانتخابات من نفوذهم، انما قاطعوها لان الصوت الواحد يضعف من نفوذهم، ويقلص عدد مقاعدهم في داخل المجلس، قاطعوها لان بعض المبطلين كانوا واثقين من فشلهم بالانتخابات. قاطعوها وبخاصة الاخوان المسلمين (حدس) لان الصوت الواحد يشكف حقيقة وجودهم علي الارض اذا جاز التعبير قاطعوها لان بعض القبائل اعلنت صراحة «الصوت الواحد ما يخدمنا»!!
إذن.. المقاطعة لم تكن لان مرسوم الصوت الواحد غير دستوري او غير ضروري، او لان الحكومة انفردت بالقرار دون الرجوع لمجلس الامة، وغير ذلك من الاعذار والترهات التي خدعوا بها البسطاء والطيبين..!!
لقد فصل صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في كلمته التاريخية السامية حينذاك مثالب نظام الاربعة اصوات والذي قسم المجتمع فظهرت النعرات الطائفية والقبلية والفئوية، فكان من واجب سموه حفظه الله انقاذ البلاد من السقوط في مهاوي الردى والصراع الطائفي وعليه فمرسوم الصوت الواحد اذا صدر في اثناء غياب المجلس لكن الضرورة هي التي فرضت صدوره انقاذاً للبلاد وإنقاذا لاهلها الآمنين.
واذا فهمنا اعذار ومسوغات مقاطعة المبطلين والقبليين والدينيين والطائفيين للانتخابات الاخيرة، غير ان ما لم نفهمه هو مقاطعة من يسمون بالليبراليين من جماعات التحالف الوطني وغرفة التجارة والمنبر لانتخابات الصوت الواحد، هذا اذا كانوا حقاً وصدقاً يؤمنون بالديموقراطية مبدأ لا قولاً وحسب ويؤمنون بالتالي بحق الشعب في اختيار ممثليهم في المجلس، فهل يريدون مجلساً يمثل النخبة والنبلاء واصحاب الدماء الزرق. ام مجلساً يمثل الشعب كل الشعب من كل الاطياف والاعراق والنوازع، ولو دخلوا الانتخابات لكانت فرصة لتعديل المعادلة المختلة والمائلة دائماً للقوى الرجعية والقبلية.
لقد كشفت انتخابات الصوت الواحد زيف مدعي الديموقراطية، ونزعت الاقنعة عن وجودهم فظهروا على حقيقة ان المصلحة فوق العمل الوطني والمصلحة الوطنية والوحدة الوطنية، وكان عليهم ان يتشبثوا بتعهد صاحب السمو عندما قال يحفظه الله «أنا أقبل بحكم المحكمة الدستورية» وهذا التعهد وحده قمة الديموقراطية وقمة الايمان بالدستور، فلماذا تعنت المبطلون والمقاطعون ولم يركنوا الى ما ستفصل به المحكمة الدستورية وانجروا الى الشغب والفوضى وتهديد امن واستقرار البلاد . اما كفى البلاد دسائس ومؤامرات خارجية حتى يضرم ابناؤها نار الفتنة والبغضاء..؟!!
ان الزعم بان الانتخابات الاخيرة لا تمثل الامة لكون اقل من (%40) شاركوا في التصويت لا ريب زعم مردود وغير واقعي. ففي جميع الانتخابات الماضية لمجلس الامة كان متوسط التصويت لايزيد على الـ (%60) وتنخفض النسبة في الانتخابات البلدية الى اقل من (%30) هذا على الصعيد المحلي واما على الصعيد العالمي، ففي معظم الديموقراطيات العريقة لا تزيد نسبة التصويت عن الـ(%35 الى %40) ورغم ذلك فالانتخابات هناك شرعية وممثلة للامة فلماذا هناك ديموقراطيتهم صحيحة وديموقراطيتنا مشكوك بشرعيتها..؟!
ان مجلس ثمرة الصوت الواحد اذا كان اقل من مستوى الطموح، لكن المؤمل ان يكون القادم افضل. وفي كل الاحوال فالمجلس يمثل الامة رغم تعرضه للاساءات والتشويش والتشويه المتعمد..
وزبدة القول ان الذين قاطعوا الانتخابات لاي اسباب او اعذار هم وحدهم يتحملون وزر مقاطعتهم وعليهم وحدهم تعديل مواقفهم والرجوع الى الحق واهداب الفضيلة..
إلى الطيران المدني
اذا جاز لشركة مصر للطيران تشغيل رحلات مكوكية من كويت شرم الشيخ كويت، فهل يجوز وبالمثل للخطوط الجوية الكويتية نقل الركاب في رحلات داخلية بين المدن والمحافظات المصرية..؟!!
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق