اتفق المتحدثون في ندوة الحوار الوطني على أهمية الدعوة للحوار بين أطياف المجتمع الكويتي، للوصول إلى أهداف مشتركة توحد صفوف الشعب، من دون اللجوء إلى لغة التخوين والتشكيك في سبيل تحقيق الأهداف.
واعتبروا في رابع ندوات الحوار الوطني في ديوانية النائب في المجلس المنحل د. عبيد الوسمي مساء أمس الأول، أنه من دون الحوار ستبقى جميع القوى مشرذمة وضعيفة، ولن تستطيع الوقوف في وجه السلطة، داعين إلى حوار يجمع ولا يفرق.
التقاء
وقال النائب السابق صالح الملا إنه لا يمكن أن تتغير الحال، أو نصل إلى نقطة التقاء إلا بالحوار، موضحا أنه دعا مجموعة من الشباب المغردين من مختلف الطيف السياسي للوصول إلى نقطة اتفاق للقضاء على فكرة الفرقة الدائمة المتبعة منذ ما قبل الدستور.
وتابع الملا: يجب علينا أن نتحاور، وإلا كيف لنا أن نصل إلى الحكومة المنتخبة وتحقيق ما نصبو إليه من إصلاحات سياسية بدون الحوار، وقال: ارفض الحوار مع السلطة الآن، نظرا إلى أنها لم تستوعب الحوار، وتعتقد انه «حب خشوم»، وأؤكد بأننا نريد الحوار وسوف نواجهك لان السلطة التي لا تفهم الحوار في النهاية لا تستحق المحاورة. وتساءل الملا: كيف يمكن تحقيق الحكومة المنتخبة عبر الآليات الدستورية بعيدا عن العنف الذي نرفضه؟ وقال: هناك من ينادي بالحكومة البرلمانية وكأنها اختراع، في حين أن ذلك أصل دستوري في المادة 56 من الدستور، فللأسف حتى المفاهيم لسنا متفقين عليها، والسؤال: هل نريد حكومة برلمانية أم حكومة منتخبة؟ أو هل نريد رئيس وزراء شعبيا أم نريد رئيس وزراء منتخبا؟
الأحزاب
وتابع الملا: إن هناك من ينادي بالحكومة المنتخبة، ويرفض الأحزاب السياسية، والسؤال كيف سنأتي بالحكومة المنتخبة من دون وجود أحزاب سياسية؟ موضحا أن هناك من يستخدم الإصلاحات السياسية كشعارات لمرحلة انتقالية تمكنه من الوصول إلى كرسي البرلمان، ومن ثم يتم نسيانها.
وأشار إلى أننا بحاجة إلى الحوار، بحيث نترك اختلافاتنا المذهبية والطائفية والدينية وغيرها إذا أردنا التمسك بالدستور، موضحا أن هناك من صرح بأن الوصول إلى الحكومة المنتخبة ليس هدفا بذاته، بل أداة لإلغاء الآخر.
برنامج
وبين الملا انه يجب علينا وضع برنامج زمني للمطالب مع عدم التخوين، فنحن لن نصل إلى نتيجة، ونحن نتصارع ويشكك بعضنا ببعض، كما أننا بحاجة إلى حوار يضم الآخرين ويستوعبهم، موضحا أننا إذا وصلنا إلى هذه المرحلة، فتأكدوا أن السلطة سوف «ترتعب».
وتابع: تقدمت في السابق باقتراح بقانون لإشهار الأحزاب السياسية على أساس وطني، نظرا إلى ان الفوضى السياسية التي نعيشها هي بسبب عدم وجود الأحزاب، موضحا أن اثر ذلك يدفع السلطة للتعامل مع النواب بشكل فردي ومصلحي، مؤكدا في الوقت نفسه أن هناك جزءا كبيرا من النواب كانوا رافضين للمقترح، واليوم نجدهم ينادون بالحكومة المنتخبة والإصلاحات السياسية.
واعتبر الملا أن وجود الأحزاب أمر واقع منذ بدايات القرن الماضي، ولكن هل من الأفضل أن نتعامل تحت الشمس أو في السراديب؟ مضيفا أنه متى ما اقر قانون الأحزاب السياسية وفق الأساس الوطني ستنتهي كل الأمراض الاجتماعية التي يقتات عليها بعضهم.
فرق تسد
وقال إن السلطة تلعب على المتناقضات «وتطرب» لسماع المصطلحات التي تطلق من طرف ضد الآخر، كما أنها تستخدم سياسة فرق تسد.
وتابع: أقول لسمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك، إذا تعتقد أن الحوار «حب خشوم ما نبيك تحب خشومنا ولا نبي نحاورك»، بل إننا نريد أن نتفق ونواجهك بمطالبنا وسترضخ لان الشعوب دائما ما تنتصر في النهاية عندما تتفق على الإصلاح والتطوير.
وأكد الملا أنه ان لم يوجد اتفاق على الدولة المدنية، فلا يوجد اتفاق على شيء، فالأساس هو في الدولة المنتخبة، قائلا إن دستور 1962 قد يكون جامدا، ولكنه ليس سيئا، فهو لم يأت بانقلاب عسكري أو دبابة، بل أتى من خلال حوار في ظل وجود بعض الأطراف التي لا تريد الديموقراطية. وقال: سنحترم حكم المحكمة الدستورية في 16 يونيو المقبل، ولكن السؤال: هل ستكون تلك الجلسة نهاية المطاف، وليس لها علاقة بالإصلاحات الدستورية؟ مشيرا إلى أنه لا يجب الربط بين حكم المحكمة الدستورية وبين الإصلاحات السياسية التي تعد هي الوسيلة الوحيدة للانتقال إلى مرحلة متطورة من العمل السياسي من خلال الدستور.
وتابع أتمنى أن يزول شبح مرسوم الصوت الواحد، ونعود إلى النظام السابق الذي لا ادعي مثاليته، ولكنه يعتبر مرحلة انتقالية لوصول أغلبية مؤمنة بالإصلاح والتعديلات الدستورية الحقيقية التي تقفز بالكويت إلى المستقبل من خلال آليات الدستور والحوار.
نسيان
وأكد أن سر نجاح نواب مجلس 1985 يرجع إلى نسيان المطالب الجانبية، فالكل تناسى خلافاته ليكون هناك هدف واحد، وبذلك حققوا جبهة صلبة، مستطردا في الوقت نفسه أن الدعوة للحوار يجب ألا تفهم بالتنازل عن الثوابت أو الحوار مع السلطة، بل هي تأتي للتحاور فيما بيننا كمواطنين.
متغيرات
ومن جانبه قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. شفيق الغبرا إن الحوار لا يجب أن يكون بمعزل عن المتغيرات والواقع، لاسيما وأنه يقع في قلب سلسلة أحداث تمر بها الكويت والخليج العربي والمنطقة العربية ككل، ولهذا يجب أن يكون للحوار معنى، وان كانت الكويت تقترب لمرحلة الإصلاح الذي سيكون أعمق من الإصلاح الحالي، لأنه سيتعلق بسلسلة شاملة.
وذكر الغبرا أن الكويت باتت غير قادرة على التقدم بلا وجود تعديلات دستورية، فالمرحلة المقبلة لن تكون إلا باتجاه الحكومة المساءلة التي تنتخب على برامج واضحة بوجود أغلبية برلمانية، قائلا إن تلك اللحظة تقترب من هذا الإصلاح على الرغم من عدم وجود سقف زمني، مستدلا على أن حركة الإصلاح في عام 1938 أنتجت دستور 1962، وبالتالي قد لا نحتاج لمثل هذا الوقت للوصول إلى مرحلة الإصلاح.
وتابع أن الإصلاح يجب ألا يفهم على أنه تقويض للنظام السياسي، فالثورة هي التي تعني تقويض النظام، لكن الإصلاح هو الشيء الطبيعي للنظام السياسي الذي يجب أن يقوم بالإصلاحات السياسية، ولهذا فهو لن يكون تقليصا لدور الأسرة، أو تمكين فئة على أخرى، بل هو محاوله لتحقيق نتائج ايجابية.
«جينات»
وبدوره قال رئيس قسم التاريخ في جامعة الكويت د. عبد الهادي العجمي إن ما يمارسه المجتمع اليوم هو محاولة لتقييم النظام ومعالجة كل السلبيات.
وذكر أن الدستور أعطانا صورة لرأي الشعب، وان كانت غير موجودة بشكل جلي، لأنه لم يستطع أن يأخذ كامل حقوقه، قائلا إن الشعب لا يمتلك مستقبله لأنه نتاج توازنات نصف القرن الماضي.
وبين أن المشكلة أننا نقتلع فاسدا ويأتينا آخر، ولن ننتهي من هذا النوع، وهو أمر يقودنا إلى المطالبة بحكومة منتخبة تمثل الناس، موضحا أن التعددية في المجتمع الكويتي تحتاج إلى تقارب.
شعارات النزاع الدائم
قال صالح الملا إن شعارات «إن لم تكن معي فانك تتبع ذلك الطرف» قد تخلق حالة من النزاع الدائم تستفيد منه السلطة، مضيفا أننا انتهينا من مرسوم الصوت الواحد والانتخابات، ولكن هل سنظل داخل هذه الحلقة نتصارع ؟
قم بكتابة اول تعليق