شملان العيسى: الشهادات المزورة

يخطئ من يظن ان الشهادات المزورة هي مشكلة كويتية فقط لقد علمت من زملائي الاكاديميين الذين حضروا مؤتمر الجنادرية الثقافي في الرياض بان المشكلة منتشرة في كل ارجاء الوطن العربي، احد الاخوة الاكاديميين في السعودية اوضح لي بانه يوجد اكثر من 200 مكتب خاص بشركات وسيطة بين الجامعات المزيفة في الخارج ومن يريد شراء شهادته الاكاديمية محليا.
واوضح لي هذا الاكاديمي بان هنالك بلدان في شرق اوروبا سابقا وتحديدا رومانيا وبلغاريا واوكرانيا متخصصة في منح شهادات الهندسة والطب لكل من يدفع الثمن.. شهادات الطب متخصصة فيها اوكرانيا حيث يسعى الكثير من ضعاف النفوس اخذ شهادات مزورة بالطب.
شكا لي دكتور اكاديمي يمني من كثافة الحاصلين على شهادة الدكتوراه من الطلاب اليمنيين اللذين يدرسون في السودان ومعظم هؤلاء الطلبة اليمنيون ينتمون الى جماعات الاسلام السياسي وتحديدا الاخوان المسلمين حيث تمنحهم بعض الجامعات السودانية ولا نقول كلها الشهادات العلمية العليا لكل من يدفع.
لقد اجمع الاكاديميون العرب في حوارهم في الجنادرية بان الخطر في الموضوع من وجهة نظرهم هو انتشار الجامعات الخاصة – الاجنبية التي انتشرت بشكل كبير في الوطن العربي.. هذه الجامعات ليست مراقبة مراقبة جيدة من قبل الحكومة والمشكلة ان «الاخوان المسلمين» دخلوا مكاتب الجامعات الخاصة وساهموا مساهمة فعالة في انتشار هذه الجامعات التي لا تمتلك المؤهلات العلمية المطلوبة.
السؤال، كيف يمكن ضبط هذه الظاهرة وما الطرق التي اتبعتها الدول العربية في الحد من هذه الظاهرة؟
الاخوة من تونس اوضحوا بانه تم اتخاذ قرار بان يعاد الاختبار لكل من حصل على الدكتوراه.. حيث تتم مناقشة رسالة الدكتوراه في التخصص الذي حصل عليه من لجان متخصصة يرأسها اكاديميون من التخصص نفسه.. لمعرفة ما إذا كان كاتبها فعلا اكاديمياً او حصل عليها بماله..
في اليمن توزع «رسالة الدكتوراه» لمن يدعي بانه حصل عليها بمجهوده وعلمه لجنة متخصصة تقوم بدورها بتوزيع الرسالة على المتخصصين في هذا المجال ويحدد يوم لمناقشة موضوع الرسالة.
نحن في الكويت لا توجد لدينا اجراءات صارمة للحد من هذه الظاهرة.. لكن جامعة الكويت حرصت على عدم قبول اي شهادة دكتوراه او ماجستير لا يكون صاحبها قد تم ابتعاثه من الجامعة ويأخذ شهادته العلمية من لائحة الجامعات حسب ما يدرجها القسم العلمي.
السؤال، لماذا انتشرت هذه الظاهرة في الوطن العربي والخليج، لماذا يلجأ الشباب الكويتي او السعودي او الاماراتي او غيرهم الى الجامعات الوهمية بدلا من الذهاب الى الجامعات المعترف بها؟
بلاشك هنالك خلل في التربية في المنزل والمدرسة.. لماذا يلجأ الطالب للغش والتزوير والبراشيم والطرق السهلة من اجل النجاح قد يكون السبب حاجة سوق العمل للمتخصصين بسرعة لذلك يتم توظيف المواطنين بدون اجراء اي اختيارات لمعرفة تحصيلهم العلمي والوجاهة الاجتماعية حيث يعتقد بعض الناس بان الشهادة الجامعية ترفع من قيمته امام المجتمع، الامر المخيف في الخليج هو ان بعض الجامعات الخليجية للاسف ليست مؤهلة لمنح شهادات الماجستير والدكتوراه.. لكنهم منحوها لاعتبارات الوجاهة بدون الاخذ في الاعتبار بان ذلك يشكل خطرا على مستوى التعليم العالي خصوصا اذا عرفنا باننا في الخليج نعاني من نقص الاساتذة المتخصصين في الكثير من المجالات العلمية.
احد الاسباب التي ساعدت على انتشار هذه الظاهرة هو سكوت اولياء الامور وقبولهم لظاهرة الغش.. فالواجبات المدرسية لا يكلف الطالب في المرحلة الابتدائية او المتوسطة نفسه في حل الواجبات المطلوبة منه، وهنا يتقدم الوالد او الوالدة او الخدامة على حل الواجبات لابنائهم.
لقد عودنا نحن المجتمع اولادنا على الغش منذ الصغر.. فماذا نتوقع منهم عندما يكبرون..؟!!

د. شملان يوسف العيسى

المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.