خالد الجنفاوي: القبلية والطائفية تناقضان دولة المؤسسات والقانون

تشير “القبلية” بشكلها السلبي إلى مناصرة ومؤازرة القبيلة على حساب المجتمع الوطني, ودعوة الآخرين إلى التكيف القسري مع التفكير القبلي على حساب الهوية الوطنية وعلى حساب التسامح والانتماء لمجتمع مدني ديمقراطي منظم يحوي كل الأعراق والمذاهب والميول الثقافية المتنوعة. و”الطائفية” السلبية كذلك تشابه لحد كبير القبلية السلبية حيث يدعو أحدهم للتعصب الأعمى للطائفة على حساب السلم الاجتماعي وعلى حساب الحس الوطني والوحدة الوطنية في مجتمع مدني ومنظم وديمقراطي يحوي مختلف التوجهات والميول المذهبية المتنوعة. ومن هذا المنطلق, يصعب علي شخصياً تصديق أن من يحاول بشكل مباشر أو غير مباشر نشر التفكير القبلي أو الطائفي في عالمنا المعاصر يدعو في نفس الوقت لتدعيم دولة المؤسسات والقانون والمجتمع الديمقراطي! بل أكاد أجزم أن من يفكر بشكل قبلي أو طائفي بحت ويتعامل مع الآخرين وفق انتماءاتهم القبلية والطائفية فيصنف قربهم أو بعدهم عن الرأي الصواب وفق منطقه الشخصاني ربما لا يؤمن بدولة المؤسسات والقانون فالقبلية والطائفية السلبية تتناقضان بشكل مباشر مع فرضيات ووقائع دولة المؤسسات والقانون, فما بني أساساً على التفرقة العرقية والمذهبية لا يمكن أن يكرس مجتمعاً مدنياً وقانونياً يحوي مختلف الآراء والتوجهات المختلفة. فالقبلية والطائفية كأيديولوجيات عرقية ومذهبية وسياسية ستطغى أولاً وأخيراً على ما هو مختلف وستهضم حقه عبر إقصائيتها المتعمدة للآخر المختلف. الاقصائية القبلية والطائفية تتناقض مع ما تمثله دولة المؤسسات والقانون وفق معايير عالمنا المعاصر.
إضافة إلى ذلك, مشكلة من لا يزال رهيناً لطرق تفكير ماضوية كالقبلية والطائفية الاقصائية أنه يريد اختزال الرأي الصواب ويرفض تنوع الآراء. بل يرفض مشروعية الرأي الآخر. فبالنسبة لمن لا يزال رهيناً لطرق التفكير الماضوية, كل من يعارضه في الرأي إما فاسد أو منافق أو لا يفقه الديمقراطية, وما هو غريب حول من يعتنق التفكير القبلي والطائفي الاقصائي أنه يريد تحقيق التعصب القبلي والطائفي عبر وسائل ديمقراطية.
أعرف أحدهم ممن يصور نفسه هذه الأيام في إعلامنا المحلي كغيفارا الديمقراطية, وأنه يدعو لنبذ القبلية والطائفية السلبية ولكنه يستمر يصف معارضيه بالمنقرضين, وما إن تقع عيناه علي يبادرني بالتحية الغريبة التالية: “أنتم الشماليون…..” فأشعر بالحيرة حول ما يقصده, فهل يشير مثلاً إلى سكني في شمال الكويت(الجهراء), أم شيئاً آخر, فأشتاط غضباً, وازداد غيظاً تجاه هذا التناقض الفج. والله المستعان.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.