العزف على الأوتار الطائفية والقبلية والفئوية والشحن فيها، هما سمة الدول الممزقة، التي تعيش على فوهة بركان هذا الشحن، وتكون أوضاعها هشَّة، بحيث يؤثر هذا العزف في المكونات الاجتماعية بكل سهولة ويسر، وتنقلب الأحوال الى عدم استقرار وحروب أهلية وتمزُّق.
المجتمع الكويتي مجتمع صغير، وهو مجتمع مهاجرين، وله تاريخ مشهود بالتمازج، ويتألّف من شرائح اجتماعية، ومكوّن طائفي ومكوّن حضري وقبلي، والمكونات تنقسم إلى أقسام، وقد اجتازت الكويت كثيراً من المحن، وأثبت نسيجها الاجتماعي تماسكه تحت «يافطة» الوطن، وبالذات أثناء فترة الغزو العراقي وما قبله، عندما كان الشحن الطائفي في المنطقة في أوجه.
اليوم، يُعزَف على أوتار الفتنة الطائفية والقبلية والفئوية من قبل البعض، لتمزيق المجتمع الكويتي، وسهولة السيطرة على أوضاعه، من خلال طروحات بائدة واعتداء على بعض المرافق الدينية ودور العبادة.
المطلوب اليوم وقفة من الجميع، وبالذات القوى المجتمعية الحية، لوقف هذا التطاول، وتعزيز ثقافة احترام الغير وقبول الآخر، وغرسهما في النشء والمناهج التربوية والإعلام والمساجد، وتعزيز احترام القانون، والتعامل مع مكونات المجتمع كمواطنين من دون النظر الى تركيبتهم وتكوينهم الاجتماعي، ويترجم هذا في الوظائف العامة وسياسة الترقّي، وتفعيل قانون الوحدة الوطنية والوقوف بحزم ضد دعوات البعض لإثارة النعرات وخلق معارك مصطنعة، وصبّ الزيت على نار التأثيرات الإقليمية. الرهان على المواطنين الذين يرون كيف دمرت الصراعات الطائفية والقبلية والفئوية دولاً وحضارات في العالم، خطاب الدولة – أيضاً – يجب أن يكون باتجاه دولة المواطنة والقانون واحترام المؤسسات وتحسين الخدمات، لقطع الطريق على البعض ممن يعزفون على «أوتار الفتنة»!
د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق