عزيزة المفرج: ما تحشمون، فليش تجون

رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، ومن السخافة ان تجتمع مجموعة شابات أو حتى كبيرات، وهن متلحّفات بالكامل بالعباءة والنقاب والقفازات، وصارت كل واحدة منهن كتلة سواد تام، الا من ثقبين صغيرين تمكّنان العينين من رؤية الخارج، وما يحدث فيه، ثم تقفن الى جوار بعضهن من أجل التقاط صورة جماعية في مكان ما للذكرى.ذكرى شنو يا بعد جبدي «منك ليها»؟ ما هي هذه الذكرى التي ستحصلن عليها من صورة هي أساسا لا لزوم لها، ولا يوجد فيها أي منطق سوى منطق الهوى، والرغبة في عيش اللحظة.ان الغرض من التصوير الفوتوغرافي هو توثيق وتسجيل اللحظة، أما في تلك الحالة فسوف يكون التسجيل والتوثيق جامدا لا حياة فيه، ومصابا بما يشبه مرض التصلب الرباعي، فالوجه الذي يبين المشاعر والأحاسيس مخفي ومغطى، والمعالم التي تبين وضع وحركة الجسد غير ظاهرة بوضوح، وبالتالي لا يمكن معرفة الحالة النفسية والعصبية لمن في الصورة فالسعيدة والحزينة والطيبة والجادة والسارحة والباهتة والغاضبة والرياضية والمتأملة ووو، كلهن سواء تحت النقاب، ولو كنت منهن ما أتعبت نفسي وحشرتها في صورة ميتة مثل تلك.حفلات التكريم السنوية للطلبة والطالبات من خريجي جامعة الكويت والمعاهد التطبيقية فيها صور مشابهة لتلك الحالة.في ذلك الاحتفال الذي يحضره صاحب السمو أمير البلاد نرى بعض هؤلاء الطالبات المتغطيات بالكامل تصعدن المسرح ساحبات عباءاتهن خلفهن، ثم تخطف كل واحدة منهن شهادتها من يد حضرة صاحب السمو الأمير، وتغادر متجنبة مد يدها المغطاة بالقفاز الأسود من أجل مصافحته الذي هو فضلا عن مكانته كوالد لهن ولجميع الكويتيين، فهو شيخ جليل لا يقل عمرا عن جد أي واحدة منهن، فصاحب السمو أمير البلاد له الحشيمة والكرامة، ومن العيب ابداء تصرف مثل هذا، ممن يعتبرن بعمر حفيداته.الغريب في الأمر هو ذلك الاصرار من قبل هؤلاء على الوجود وعدم تفويت تلك الفرصة، على الرغم من أنهن لا يخرجن منها الا بصورة فوتوغرافية ميتة لا حياة فيها، تفتقد فرحة وبهجة التخرج المتمثلة بتلك الابتسامة الواسعة المرتسمة على الوجه.بالتالي يتوجب على ادارتي جامعة الكويت والتطبيقي ترتيب أمورهما منذ الآن لتلافي هذا المشهد الكريه، المستفز للمشاعر، الذي يتكرر كل عام، واتخاذ اجراء مناسب تجاهه، ويكفي تلك اللحظة الفضيحة، الموثقة للمغفور له أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه، حين مد يده الكريمة من أجل مصافحة خريجة منقبة، ولكنها لم تمد يدها له وكان ذلك قمة في قلة الحياء والأدب.موقف مثل هذا لا نريده ان يتكرر، وبالتالي يجب على ادارة الجامعة والتطبيقي اصدار قرار اداري بخصوص الطالبات الخريجات غير الراغبات في مصافحة سمو أمير البلاد، تتسلم فيه الواحدة منهن شهادة تخرجها من الادارة، ولا مبرر لحضورها الحفل، وصعودها المسرح خاصة أنها أولا وأخيرا سواد في سواد، واذا كان الحضور من أجل التصوير، فهي، والحق يقال، لا تصلح للتصوير، فعلام العناء اذن، ولماذا قلة الاحترام تلك على الملأ، وأمام العالم كله.

عزيزة المفرج
almufarej@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.