رحيل مارغريت تاتشر ترك حزناً كبيراً على امرأة حديدية اعتمدت القوة المقرونة بالمنطق والمنهجية العقلانية.. إنها خسارة عالمية.
خيّم الحزن والأسى على أرجاء العالم لرحيل المرأة الحديدية البارونة مارغريت تاتشر، أبرز ساسة العالم في العصر الحديث، رحلت مخلفة إرثاً سياسياً عظيماً، ومدرسة في فن سياسة منطق القوة المقرونة بالمنطق والمنهجية العقلانية للتعامل مع الطغاة مهما بلغت قوتهم بالبطش، لتجعلهم عبرة لكل من يتعدى ويعتدي على ثوابت القانون الإنساني والدولي في العالم.
شعر كل كويتي وكويتية، الشعب الكويتي كله، بالأسى والحزن العميق أكثر من شعر بذلك، كل فرد صغير وكبير لوقفة الحق والحزم والعزم ابان العدوان العراقي الغاشم من كارثة العصر، وهي احتلال دولة الكويت، دور رائد ورائع وحازم وحاسم ومؤثر حينما وقفت مع الولايات المتحدة الأميركية والحلفاء لتحرير الكويت بأقصى سرعة، وبصورة قاطعة لا جدال فيها، حشدت، وحثت زعماء العالم على ضرورة خوض الحرب بلا هوادة مع الطغاة واقتلاع الطاغية دون تردد ــ وكما أعلنت في المحاضرة التي ألقتها في جامعة الكويت، حيث تشرفت الجامعة بدعوتها للزيارة بعد التحرير ــ لتقديم وفاء الشكر والتقدير للدور الكبير الذي قامت به – أعلنت في جملة واحدة بقولها: ان التاريخ قد علمني ضرورة التعامل مع الطغاة بمنطق القوة، فالطغاة لا يعرفون إلا منطق القوة لأنهم فاقدون لحس الحوار والاقناع بالطرق الدبلوماسية. القوة والاقتلاع، فهذا هو المنطق الذي يفهمونه وهذا هو الاسلوب الذي ينبغي ان يعاملوا به، ويعد هذا درسا من دروس السياسة الحازمة الحديثة!
البارونة مارغريت تاتشر، السيدة الحديدية، سيرة رائعة ومضيئة بدأت نشأتها من عائلة متواضعة، طموحة، درست في ارقى الجامعات، ثم تدرجت في مناصبها حتى وصلت الى قيادة «حزب المحافظين»، ثم وصلت الى منصب رئاسة الوزراء، وكانت أول سيدة تتقلد هذا المنصب الرفيع في العالم، خاضت حروبا مع «الفوكلاند» مع الأرجنتين، ومع جنرالات واخضعتهم، بل وقضت عليهم بحرب ضروس حتى تحررت جزر الفوكلاند، كان لها الدور الكبير في «دراسة الملف الروسي» (الاتحاد السوفيتي سابقاً)، حتى انهار وانهارت ايديولوجياته في وقت قياسي اذهل العالم.
سيظل اسمها محفوراً في ذاكرة ووجدان ومشاعر كل الكويتيين، وستظل الكويت تحفظ في ذاكرتها وفي تاريخها وتاريخ الأجيال القادمة ذلك الوفاء والعرفان والشكر للدور الكبير الذي قامت به، واتمنى ان يقام لها تمثال، او يطلق اسمها على مركز او جامعة، فمثلها لا ينسى، مثلها لا تمر مرور الكرام، فالأمة الحية هي التي تحفظ وتمتلك الذاكرة الحية.
فاطمة عثمان البكر
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق