صالح الغنام: “الديلر واحد”!


خارج النص
ليس من طبع النائب الفاضل مسلم البراك الكشف عن الأسماء والمجاهرة بها, فقد جرت العادة, استخدامه مصطلحات رمزية, بهدف إضفاء مزيد من التشويق والإثارة والغموض على كلامه, وأيضا للتدليل على وجود أشخاص – متهمين طبعا – سيأتي أوان الكشف عنهم لاحقا. البراك يتبع في أسلوبه هذا, زعيمه السعدون, فكما كان للسعدون “شفر أبيض”, أتى البراك بال¯ “يوكن أسود”, وكما كان السعدون يدعي بوجود “أطراف” و”متنفذين”, ابتدع البراك “خفافيش” و”حيتان” و”ثعابين”. الشاهد, أن كلا الاثنين لم يكونا يبوحان بالأسماء, وإنما يكتفيان باختلاق مزاعم واصطناع خصوم وهميين وإطلاق مصطلحات ترمز إليهم, ومن ثم يبدآ التناوب على ضرب – من لا يعرفهم أحد – وسط تصفيق الجماهير الحاشدة.
الحاصل, أن ظاهرة استخدام هذه المصطلحات, انتشرت سريعا بين النواب, فكما أن معظمهم اتفقوا على وصف أي إجراء حكومي يعجبهم بالقول “إنه خطوة في الاتجاه الصحيح”. فقد انتشرت بينهم حكاية “الأطراف” و”المتنفذين”, وراح كل منهم يردد مثل هذه المفردات, بمناسبة ومن دون مناسبة. غير أن الفاضل مسلم البراك, أخلف عادته المعروفة باستخدام المصطلحات, وكشف – ربما للمرة الأولى – في جلسة يوم الأربعاء الماضي, عن الأسماء صراحة, حين اتهم أربعة من أبناء الأسرة الكريمة, بحماية ودعم الجويهل. الغريب أن البراك لم يستن هذه السنة الحديثة والحميدة, إلا بعد ارتكاب النائب الجويهل لفعلته النكراء! وقد كان سابقا, يكتفي بالهجوم على الداعمين باستخدام ما بحوزته من مصطلحات!
من يتفكر في حكاية وتوقيت الإفصاح عن أسماء الداعمين للجويهل, ويربطها بواقعة وتوقيت “التفلة” – أجلكم الله – سيلحظ وجود تناغم غريب بين الأمرين – رغم التنافر الظاهر بينهما – فالبراك ولسنوات خلت, وبعد كل ما قاساه من الجويهل, لم يستغل حصانته وهو تحت قبة البرلمان في الكشف عن أسماء الداعمين للجويهل, لم يفعل هذا, رغم إيحاءه بمعرفتهم وبأنه سيقتص منهم ويحيل ليلهم نهارا. الأمر الآخر, وهو ملاحظة جديرة بالاهتمام, أن من كشف عنهم البراك, جميعهم لهم علاقة مباشرة بوزير الداخلية الحالي. ومعلوم لدى جميع المتابعين من هو الخصم القوي لوزير الداخلية خارج الحكومة.
على ماذا يدل هذا? هذا يدل على أن “الديلر” الذي يحرك الجويهل, و”الشعبي”, واثنان من نواب “التنمية”, وثلاثة من “السلف”, وبعض النواب المستقلين, هو شخص واحد! بالطبع يصعب على التقليديين التسليم بهذا, نظرا الى وجود تضاد وتناقض كبيرين بين المكونات أعلاه. ولاستيعاب هذه الفكرة, لن استحضر مقولة حسن البنا “نجتمع على ما اتفقنا عليه, ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه”, لن أقول هذا, لأنني لا أتصور وجود تنسيق بين هؤلاء, فحسب ظني, أن التعليمات تأتي لكل منهم على حدة, وكل منهم ينفذ مهمته من جهته. فبالنهاية, جميع الاتجاهات تصب في خانة واحدة, ومن يستبعد هذا, ما عليه سوى تتبع الجهات والشخصيات والوسائل الإعلامية المعلوم سلفا عملها لمصلحة “الديلر”, وبعد ملاحظة عدم انسجام مكوناتها, أظن بأن عليهم إعادة التفكير بالاستنتاج الذي انتهت إليه المقالة.
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.