اقر مجلس الأمة بجلسته بتاريخ 3 ابريل 2013 تعديل المادة 32 من المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 في شان الخدمة المدنية برفع سن التعاقد الى 65 عاماً، والى 75 عاماً بالاستثناء لبعض المهن.
وقد ادخل عدد من النواب بعض التعديلات على تقرير اللجنة المالية والاقتصادية رقم 15 أثناء جلسة مجلس الأمة.
ومن المفارقات التي تسجل في هذا الصدد ان المؤتمر الوطني للشباب قد انهى أعماله في 13 مارس الماضي، ليأتي مجلس الأمة ويقر هذا القانون الذي «يقتل» طموح الشباب بعد 20 يوماً فقط من نهاية المؤتمر.
والغريب في الأمر أيضاً ان لدينا حكومة تحضر وتشارك في المؤتمر الوطني للشباب وتتبنى توصياته، وحكومة أخرى تقتل طموح الشباب من خلال تبنيها وموافقتها لمثل هذا القانون.
فالقانون القائم ينص على استثناء بعض الوظائف التي لا يقبل عليها سواء الكويتي أو غير الكويتي، فرفعت سن انتهاء الخدمة فيها إلى 75 سنة وكان ذلك سنه 1984، والآن بعد 30 سنة كان من الأجدر تقييم هذا الاستثناء سواء من حيث الإبقاء عليه أو لإلغائه أو التعديل عليه، وبكل تأكيد إنني مع الاستفادة من خبراتهم التراكمية ولكن من خلال العمل الاستشاري في المجالس او اللجان التخصصية.
ويحق لنا ان نتساءل ما هي الأسس التي استندت اليها الحكومة في تراجعها عن النص العام الوارد بتقرير اللجنة إلى اقتصار التعديلات على بعض الوظائف من خلال التعديلات التي قدمت أثناء الجلسة.
ومع احترامنا الكامل والمبدئي لشاغلي الوظائف المشمولة بالقانون كان من المفترض أن تكون هناك دراسات واستبيانات لسوق العمل لبحث ما إذا كان لايزال سوق العمل يعاني نقصا أو عدم إقبال الكويتيين لوظائف أعضاء هيئة التدريس والتدريب والباحثين العلميين ومغسلي الموتى والخطباء والمؤذنين والأئمة حتى فعلا يتم التعديل على القانون بناء على نتائج هذه البحوث والدراسات لا أن يتم ذلك بمعزل عن المختصين بتلك الجهات.
فالقانون رفع سن التقاعد لغير الكويتي من 60 إلى 65 سنة (أضاف 5 سنوات خدمة لغير الكويتي)، فهل نحن بحاجة إلى ذلك؟ فهل هذه سياسة توفير فرص العمل للكويتيين؟، أين القانون من إحلال العمالة الكويتية مكان العمالة غير الكويتية؟
• التسلسل التاريخي لتقديم الاقتراحات وإقرارها من اللجنة التشريعية والمالية والمجلس:
1 – بتاريخ 2013/3/20 قدمت الاقتراحات النيابية بالتعديل على سن التقاعد.
2 – بتاريخ 2013/3/27 أنجزت اللجنة التشريعية تقريرها بشأن تلك الاقتراحات.
3 – بتاريخ 2013/3/31 أنجزت اللجنة المالية تقريرها بشأن الاقتراحات النيابية.
4 – بتاريخ 2013/4/3 وافق المجلس على التعديلات المقترحة بالتعديل على القانون بالمداولة الأولى والثانية.
فهل يعقل أن يكون إقرار مثل هذا القانون المهم خلال 12 يوماً فقط منها 4 أيام إجازة نهاية الأسبوع، أي انه اقر خلال 8 أيام، فهل هذه المدة كفيلة بدراسة وإقرار تعديلات تشريعية لمثل هذا الموضوع المحوري لرسم سياسة التوظيف ونهاية سنوات الخدمة في ظل أزمة طاحنة لفرص التوظيف؟
بالتأكيد انه أمر يثير الكثير من علامات الاستفهام؟
وهل يعقل أن يكون ارتفاع معدلات العمر في السنوات الأخيرة كما ورد بالمذكرة التفسيرية للقانون المقترح كفيلا بتعديل القانون ورفع سن التقاعد لما هو وارد بالقانون الذي تمت الموافقة عليه، وهل ارتفاع معدلات العمر مقتصرة على وظيفة دون غيرها؟
فهذا الكلام يفتقر إلى المنطق!
• مؤسف أن يكون وراء الاستعجال بإقرار القانون خلال 8 أيام استفادة لبعض الحالات التي قد تتجاوز سن التقعد قريبا.
• من أين استدلت اللجنة وفق ما ورد بالمذكرة التفسيرية للقانون، إلى أن هناك الكثير من الطلبات من الجهات الحكومية للاستفادة ممن بلغوا السن القانونية للتقاعد؟ في حين أن الجهات المشمولة بالقانون وفق ما أقره المجلس جهات مستقلة بتعييناتها وليس لديوان الخدمة المدنية دور، مباشر أو غير مباشر في تعييناتها لأعضاء هيئة التدريس والباحثين العلميين، فكيف يستقيم ذلك؟
• إن القانون شمل أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والتعليم التطبيقي، وللأسف لم يتم استطلاع رأي هاتين الجهتين، فلمصلحة من هذا التجاهل لرأي هاتين الجهتين؟
• كنت أتمنى أن يكون هناك سؤال برلماني أو بيان حكومي عن عدد أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والباحثين العلميين بمعهد الكويت للأبحاث العلمية، ممن بلغوا سن 60 سنة فما فوق لفئة الكويتي وغير الكويتي. وهل هناك دراسات تعكس الحاجة لهم؟
• أيضا كنت أتمنى أن يكون هناك سؤال برلماني أو بيان حكومي عن عدد خطباء المساجد والأئمة والمؤذنين ومغسلي الموتى ممن بلغوا سن الـ60 فما فوق لفئة كويتي وغير الكويتي! وهل هناك دراسات تعكس الحاجة إليهم؟
• جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ومعهد الكويت للأبحاث العلمية لها قوانين خاصة بها، فكان من الأجدر التعديل على قوانينها إذا كانت هناك حاجة، وليس التعديل على قانون الخدمة المدنية، فأي عبث تشريعي هذا؟
قانون إنشاء جامعة الكويت أعطى مجلس الجامعة مرونة التعديل على سن التقاعد لأعضاء هيئة التدريس، من خلال لائحة شؤون أعضاء هيئة التدريس، وجاء القانون الجديد ليلقي هذه المرونة ويقيدها بالقانون، وبأن أي تعديل عليها لاحق لايتم إلا من خلال القانون، وهو ما يتعارض مع المرونة المطلوبة لمثل تلك المؤسسات، فهل القانون أضاف جديدا للجامعة؟ بكل تأكيد لا.
أتمنى أن يبادر مجلس الجامعة لتسجيل موقف من خلال اعتراضه على هذا القانون.
ما يؤكد عدم عرض مثل هذا التشريع على المختصين بالجامعة والتطبيقي والأبحاث هو ذلك التعارض القانوني بين القانون العام والخاص وأيضا تقييد كل عمل تلك الجهات.
هناك تضارب أو تداخل واضح بين القانون الجديد وبين لائحة شؤون أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، حيث إن لائحة الجامعة تنص المادة 6 من لائحة شؤون أعضاء هيئة التدريس وبالأخص الفقرة 3 یكون التجدید بعد سن الثامنة والخمسین لمدة أقصاها سنتین، وحتى سن الثامنة والستین، ویجوز لمدیر الجامعة الاستثناء بعد ذلك حتى سن السبعین، في حين أن القانون الجديد يفترض أن سن التقاعد هو 65، ويجوز مده الى 75 سنة، مما يؤكد، وبشكل قاطع بأن من قام على التشريع، سواء من المجلس أو الحكومة لم يستطلع رأي الجهات المختصة، وهو ما ينطبق على التعليم التطبيقي ومعهد الأبحاث، وهو أمر مستغرَب يستلزم رد القانون.
• القانون شمل الباحثين العلميين بمعهد الكويت للأبحاث العلمية، ولم تستطلع اللجنة رأي القائمين على المعهد، فكيف يستقيم ذلك؟
• لم يتم استطلاع رأي رابطة أعضاء هيئة التدريس في كل من الجامعة والتعليم التطبيق ورابطة الباحثين العلميين بمعهد الأبحاث، ولم يتم استطلاع رأي مؤسسة التأمينات الاجتماعية بتكلفة القانون أسوة بكل القوانين المشابهة ذات العلاقة بسن التقاعد والتأثير على العجز الاكتواري.
فما هي النظرة إلى بعض التخصصات الأخرى، التي تعكس خبرة تراكمية مثلا القيادات الأمنية الدفاع والداخلية والإطفاء ووزارة الكهرباء ووزارة الأشغال ووزارة المواصلات وغيرها من الجهات الحكومية، أم هي الانتقائية والعشوائية في التشريع؟
• لماذا لم يشمل القانون أعضاء هيئة التدريب بالتعليم التطبيقي والعاملين بالمؤسسات العلمية الأخرى أم أن هناك تقييماً لطبيعة العمل لهذه الفئات وهو الأمر الذي لم يستدل عليه بتقرير اللجنة المختصة؟
• تقرير اللجنة جاء خاليا من الإشارة إلى أي دراسات أو آراء بني عليها مثل هذا التعديل، وهو أمر مؤسف للغاية، فكيف يستقيم ان يمثل جامعة الكويت وهيئة التعليم التطبيقي والتدريب ومعهد الكويت للأبحاث العلمية الأخ رئيس الخدمة المدنية، في حين ان التعيين بتلك الجهات ليس عن طريق الخدمة المدنية، فكيف يستطيع ان يشرح احتياجات تلك الجهات من ليس له دور في التعيينات فيها؟
• القانون بطبيعته تعديل على قانون جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي ومعهد الكويت للأبحاث العلمية إلا انه لم تتم الإشارة في ديباجة القانون إلى قوانين إنشائها، فكيف يستقيم ذلك؟
• بعد 47 سنة من إنشاء الجامعة نكتشف فجأة اننا بحاجة إلى رفع سن التقاعد لأعضاء هيئة التدريس إلى سن 75 سنة، ويتم ذلك خلال 8 أيام عمل فقط، يحصل ذلك بالكويت فقط، في حين ان مجلس الجامعة يملك التعديل من دون اللجوء الى اصدار تشريعات جديدة، انه تدخل واضح بالجانب الاكاديمي لعمل الجامعة.
• التعديل المقترح بتقرير اللجنة كان نصا عاما ويترك لتقديرات مجلس الخدمة المدنية تحديد الفئات الوظيفية إلا انه واثناء جلسة مجلس الأمة ادخل بعض التعديلات تقتصر على مد سن التقاعد فقط لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة والتعليم التطبيقي والباحثين العلميين بمعهد الأبحاث، اضافة إلى أئمة المساجد والخطباء ومغسلي الموتى من دون استعراض اي بيانات او مبررات لهذا التعديل، وكان الأجدر بالحكومة أن تطلب رده لمزيد من الدراسة.
• وفق المعلومات المتاحة بان هذا التشريع والتعديلات التي قدمت عليه أثناء الجلسة لم تتم مناقشتها خلال جلسة مجلس الوزراء ولا حتى أثناء جلسة مجلس الأمة، كونه أمرا طارئا ومستحدثا أثناء الجلسة فمن يملك قرار مجلس الوزراء؟
• القانون الذي تمت الموافقة عليه ضربة قوية وموجعة للمؤتمر الوطني للشباب وتوصياته. فأين الحكومة من توصيات المؤتمر الوطني للشباب والذي عقد تحت رعاية سمو الأمير؟
وهل كل طموحات الشباب المشارك بالمؤتمر الوطني ذهبت أدراج الرياح، خصوصا تلك المتعلقة بالتنمية البشرية؟
• أين تعهد الحكومة بالتعامل الجاد مع توصيات المؤتمر الوطني للشباب والتأكيد على تضمينها برنامج عمل الحكومة وخطة التنمية المقبلة؟
• إذا كنا نتحدث سابقا عن فساد تشريعي فإننا الان نتحدث عن عبث تشريعي من خلال تلك التشريعات.
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق