ناصر العبدلي: زيادة الرسوم

الحكومة مصرة على الهروب من إعادة هيكلة القطاعات الحكومية التابعة لها، وتحويل قطاعات الكهرباء والماء والهاتف إلى شركات حكومية، تمهيدا لبيع جزء منها للقطاع الخاص، وتوزيع بقية الأسهم على المواطنين لتطويرها أولا، ولضمان الحصول على مردود لها، والأهم التوقف عن تحويل مثل تلك الخدمات إلى «فخ» لاصطياد الفرائس.
مشروع الحكومة لزيادة الرسوم يقع في إطار التشبث بوسائل الإنتاج والاحتفاظ بالقطاع العام، حتى تعطي هي لكل مواطن «مصروف جيب»، يضمن لها انصياعه لأوامرها باعتبارها الأب الذي يعطف على أبنائه نهاية كل شهر بحزمة «أنواط»، دون أن يعمل في بعض الأحيان، وهي بهذا الإجراء تسعى لضمان ولائه بالكامل ليس إلا، الأمر الذي نستطيع تفسيره بأنها ليست جادة.
إذا كانت هناك جدية لدى الحكومة في خلق مجتمع نشط ومبادر يستطيع الاعتماد على قدراته، فالخيار الوحيد أمامها هو أن تحول كل تلك القطاعات الخدمية، التي تستهلك جزءا كبيرا من الميزانية العامة للدولة وليس لها ذلك المردود، إلى شركات حكومية في المرحلة الأولى، ثم الشروع بعد ذلك في بيع جزء منها لا يتعدى ربع ملكيتها للقطاع الخاص، على أن يوزع المتبقي على المواطنين.
تلك هي المرحلة الأولى، وفي المرحلة الثانية يفترض بها بيع الشركات القائمة، مثل شركة البترول الوطنية وشركة البتروكيماويات والشركات الكثيرة التابعة لمؤسسة البترول بنفس النسب التي سبق أن أقرتها هي في المجالس السابقة، عندما وافقت على قانون الخصخصة، لكنها لا تريد ذلك، فهي تتهرب دائما من مثل ذلك الاستحقاق، وتحبذ الطرق الملتوية، مثل مشاريع زيادة الرسوم الوهمية.
صنع دولة حقيقية يتطلب تضحيات، أبرزها أن تتحول الحكومة إلى حارس للاقتصاد وترك المواطنين يديرون مصالحهم بأنفسهم، كما يتطلب قانونا شاملا للضريبة على شكل شرائح، يبدأ بمن يصل دخلهم السنوي إلى مائة ألف دينار، ويتطلب أيضا صرامة في تطبيق القانون على المتجاوزين، وبمثل تلك الخطوة نستطيع الحفاظ على المال العام وضمان ألا يبعثر في القنوات الاستهلاكية، أو يسرق، والتضحيات ليست قصرا على الحكومة، بل حتى على المواطن الذي يطالب من الآن بحكومة منتخبة!!

المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.