عدنا من بلاد الفرنجة الكفار عودة المظفرين المحملين بالغنائم، وتلقينا فور عودتنا ثلاث صدمات، الاولى مطارنا المسكين البائس، الثانية الغبار، والحمد لله على كل حال، اما الثالثة فكانت صدمتنا في مشروع قانون الاعلام الموحد الذي اقره مجلس الوزراء وقرر احالته الى مجلس الامة لتنظر فيه اللجنة التعليمية.
وتبني الحكومة آمالاً عريضة على أن يتم إقرار القانون كما هو، ناسين او متناسين الحكمة القديمة القائلة (إذا أردت ان تطاع.. فاطلب المستطاع).
وما تطلبه الحكومة في قانونها لا يمكن الانصياع له ولا طاعته ولا الالتزام به، وهو قانون مستخرج من القرن الماضي آملين أن يحاكي العصر الحديث الذي نحياه!
القانون المقترح من الحكومة كارثيته الكبيرة في ميله إلى التوسع المفرط في المحظورات سواء على الصحف والمجلات والإعلام المرئي والمسموع وأخيرا الإعلام الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.
هذا القانون الموحد للإعلام كفيل فيما لو تم اعتماده لا سمح الله بتحويل الصحف إلى مجرد نشرات حائط مدرسية، إضافة إلى مجرد ناقل لما يرد إليها من وكالات الأنباء العالمية.
القانون أيضاً يتوسع في الغرامات إلى مبالغ خيالية وكأنه يظن أن كل الإعلاميين الحاليين من القبيضة الذين اتخمت أرصدتهم بالملايين وصاروا قادرين على دفع غرامات بعشرات ومئات الآلاف من الدنانير.
وزارة الاعلام – التي تنقرض في العالم – نجدها تكبر وتسعى إلى التضخم في الكويت، فتراها تدخل في تفاصيل أجهزة البث والارسال وشهادات الإعلاميين وخبراتهم وتنصب من نفسها وصيا على كل من يريد ممارسة الاعلام، وتعرف حتى عروق.. اليد عن كل من يعملون في هذا المجال وهي منافس لهم فيه اصلا.
القانون المقترح فيه الفاظ ومفاهيم مطاطة لا تعريفات موحدة لها، مثل كلمة (النظام العام) و(الآداب العامة). وهي كلمات جاءت دون شرح ودون مراعاة للاختلاف الشاسع بين مفاهيم الناس، فما يراه الطبطبائي وفؤاد الرفاعي خارقا للآداب العامة، لا يراه كذلك بالضرورة آخرون، والامر ذاته ينطبق على النظام العام.
ولا يخفى ان الجوانب المبهمة في القوانين انما تحير الجميع، الاعلامي والمحامي وحتى القاضي الذي يحتاج الى تشريعات واضحة سليمة منطقية حتى يحكم بموجبها.
اما فيما يخص بنود الحفلات العامة في قانون الاعلام الموحد.. فلا يسعنا الا رفع اسمى آيات التهاني والتبريكات الى النائب السابق محمد هايف داعين الله ان يوفقه في بنود السينما والاعلام المرئي والمسموع، وصولا الى القضاء الكامل على اي اوبريتات او احتفالات تدور فيها معازف الشيطان.
واخيرا، على عجالة نقول.. اما ما يخص الاعلام الالكتروني، فواضح ان الوزارة لا تصلح لاقتراح القوانين المنظمة له لان ما تطلبه في مشروع القانون «لن يسمع له احد ولن ينفذه احد».
فهل تعرف وزارة الاعلام انه «لا امر لمن لا يطاع»؟
وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق