بلا تردد، أقول إن الحراك الشعبي المعارض في حاجة ماسة وشديدة إلى الفرز، وقد دعيت إلى هذه الخطوة أكثر من مرة، وغالبا ما يتم فهم الدعوة إلى الفرز باعتبارها دعوة إقصاء أو استبعاد هذا الشخص أو ذاك. والواقع أن هناك اختلافا بينا بين «الفرز» و«الإقصاء»، فالفرز الذي أدعو إليه، إنما هو فرز موضوعي قائم على أساس المواقف والأفكار والقناعات، أما الإقصاء، فإنه قائم على أساس شخصي بحت، وهو أمر غير سليم، أيا كانت الاختلافات في الرأي.
وبالطبع، فإن أحوال «المعارضة» اليوم لا تسر، وفي تقديري يكمن الخلل الأساسي في الأفكار المتناقضة والمتعارضة الموجودة ضمن «كتلة الأغلبية»، فمن بين أعضاء الكتلة من هو متحمس جدا لفكرة الحكومة البرلمانية، وفيها من هو معارض بشدة لهذه الفكرة.
وفي الكتلة هناك من يتأهب للترشح في الانتخابات القادمة، أيا كان النظام الانتخابي، وفيها أيضا من يصر على ربط ترشحه بالعودة إلى النظام السابق للانتخاب.
وفي الأغلبية هناك من يجعل تطبيق الشريعة الإسلامية أولوية، في حين يرى البعض الآخر أن هذا الموضوع يخرج عن نطاق الأولويات السياسية.
وفي الأغلبية هناك من يؤيد العمل الميداني، مثل المسيرات والاعتصامات، وهناك من يريد الاكتفاء بالندوات العامة.. إن حجم الاختلاف كبير جدا وسط الأغلبية، وهو اختلاف يعيق تقدم الحراك المعارض، لأنه يدفع دائما صوب تبني الحلول الوسط، حتى أن المحافظة على بقاء «كتلة الأغلبية» واستمرارها بات وحده الهدف الرئيسي للكتلة!
إن حل «كتلة الأغلبية» وتوزع الحراك بين «التنسيقية» و«الائتلاف»، ومنح الشباب قيادة الحراك الميداني يعزز احتمالات عودة الحراك المعارض إلى سابق عهده.. أما استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم، فإنه لا يمكن أن يسمى «معارضة»!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق