حسن كرم: نحتاج «8» أشهر حتى نسبر غور العراقيين..!!


في تصريح أخير لمندوب الكويت الدائم لدى الامم المتحدة منصور العتيبي اشار الى «ان المنظمة الدولية تتوقع الانتهاء من مشروع صيانة العلامات الحدودية بين الكويت والعراق خلال ثمانية اشهر تقريبا. حيث سيتم انجاز بقية الاجراءات الادارية والعملية على الارض مع اخذ العوامل المناخية في الاعتبار» جاء تصريح المندوب الكويتي عقب اجتماع عقده مع كل من نظيره مندوب العراق الدائم لدى الامم المتحدة حامد البياتي ومساعد السكرتير العام للشؤون السياسية لين باسكو مضيفا «ان هناك استعدادا بين الكويت والعراق الآن لحث الامم المتحدة على البدء بالمشروع موضحا ان المنظمة الدولية تعتقد ان القيام بالمشروع قبل نهاية شهر تشرين الاول (اكتوبر) المقبل لن يكون امرا سهلا».
العلامات الحدوية الفاصلة بين العراق والكويت كان يمكن الانتهاء من صيانتها قبل نحو ست سنوات حيث اخر فريق فني اممي ارسلته الامم المتحدة لمعاينة العلامات كان في العام (2006) ولكن تعطيل العمل كان من العراق رغم المناشدات الدائمة والملحة من المسؤولين الامميين وعلى رأسهم الامين العام للامم المتحدة السيد بان كي مون. وكذلك مطالبات من الكويت. لكن تقاعس الجانب العراقي اعطى انطباعا انهم غير جادين في مسألة تحديد الحدود والالتزام بالقرار الاممي رقم (93/833).
لقد شهد البلدان خلال الفترة الاخيرة تقاربا سريعا حيث توالت الزيارات الرسمية ولا سيما حضور سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه قمة بغداد الاخيرة، والزيارة التي سبقت قمة بغداد لرئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي الى الكويت والتي كانت في الحقيقة زيارة مفصلية حيث تم الاتفاق على انهاء الكثير من النقاط الخلافية القائمة والمعطلة لمسيرة الانفتاح والتعاون ومنها واهمها المسألة الحدودية اليابسة والبحرية ثم اخيرا اجتماع اللجنة الكويتية العراقية المشتركة في بغداد والذي اسفر عن توقيع اتفاق على تقاسم الملاحة في خور عبدالله. وقد تزامن في اثناء الاجتماع العراقي الكويتي المشترك وجود وفد اعلامي كويتي في بغداد يجري لقاءاته بالقيادات السياسية والدينية العراقية، وكذلك الزيارة الحميمة ذات الطابع الشخصي والسياسي لمعالي وزير الديوان الاميري الشيخ ناصر صباح الأحمد الجابر الصباح إلى إقليم كردستان ولقاؤه برئيس جمهورية العراق السيد جلال طالباني في مدينة السليمانية وكذلك لقاؤه في أربيل برئيس الإقليم السيد مسعود البرزاني والقيادات الكردية السياسية وإلقاؤه كلمة في برلمان الإقليم وعزم الكويت على فتح قنصليتين في مدينتي البصرة في الجنوب وأربيل في الشمال وكذلك فتح الاجواء واستئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، كل ذلك يدل على أن البلدين قد تخطيا مرحلة الجمود، وأنهما عازمان على الولوج في مرحلة جديدة شعارها التعاون وتحقيق المصالح المشتركة.
لا نحتاج إلى تكرار القول ان البلدين يعتمد كل منهما على الآخر، وبالتالي فلا غنى للعراق عن الكويت، ولا اقتصاد الكويت ينتعش في معزل عن العراق، ولكن المعضلة ليست هنا، وإنما عند هؤلاء الذين يغيظهم وبالتالي لا يريدون التواصل وكسر الحاجز الفاصل بين الشعبين، هؤلاء موجودون في الكويت مثلما هم موجودون وبكثرة في العراق على الصعيد السياسي والشعبي، هناك دول ومنظمات وشركات وأحزاب وتيارات سياسية تعمل منذ سقوط النظام الصدامي على توتير العلاقات، توجد في العراق لوبيات ضد الكويت، هنا البعثيون وعملاء الدول والشركات تعمل ضد التقارب وهنا العنصريون والطائفيون ضد التقارب..!!
الثمانية اشهر القادمة قد يشهد العراق تقلبات سياسية، فالخلافات بين الكتل والقيادات السياسية عميقة، فهناك المؤتمر الوطني الذي ينعقد وهناك من يطالب بعزل رئيس الوزراء المالكي وهناك من يطالب بانتخابات برلمانية مبكرة، وهناك قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي تطارده الانتربول، وهناك المسألة السورية التي تؤثر على الوضع الداخلي العراقي، وهناك اعلان السياسي المحنك احمد الجلبي بتشكيل تجمع سياسي جديد.
تطبيع العلاقات الكويتية العراقية الكاملة وشطب كافة القضايا العالقة ولاسيما الاهم المسألة الحدودية يحتاج الى التوافق العراقي وهو مالا نتصور حدوثه في المنظور القريب لاسيما في ظل اللوبيات والخصوم.
ينبغي الا نتفاءل كثيرا، وايضا ينبغي الا نغلق الابواب فالتحدي الاكبر هو بتجاوز الخلافات.
العراق يشكل العمق الاستراتيجي والاقتصادي للكويت. والعراق هو المنفذ الاهم الذي يطل من خلاله الكويت على العالم، والكويت الرئة التي تمد تاريخياً معدة العراق بالغذاء، لا مناص للبلدين غير الانتصار على مشاكلهما والانتصار على الحاقدين واعداء التقارب.
العراق يترقب الخروج من مغبة الفصل السابع للامم المتحدة، ولكن يتعين على الكويت الا يمنح العراق ورقة على البياض بدون الضمانات الكاملة، فالمثل يقول: اللي لدغته الحية يخاف من جرة الحبل.

حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.