راح أكرر ما كتبت مرة اخرى، على امل ان يصحو النائمون ويتنبه الغافلون. ما يسمى بالحراك أو المعارضة الجديدة نشاط قبلي وربما يضاف له ديني بحت، بداية ونهاية. تلحفَه بالشعارت الوطنية لن يخفي حقيقته، وانضمام بعض الشخصيات المدنية أو تأييدها له لن يغير من الاهداف والمسار المعلن له. ورفع شعارات سياسية مبهمة ومغلوطة أو ليس لها وجود مثل «الحكومة المنتخبة» من المفروض ان يكشف الفقر السياسي المدقع الذي يرتع فيه الحراك قيادة وجماهير.
حتى الآن لا يعلم احد واجبات الحراك الحقيقية وأهدافه. وتصور المنضوين معه أو تحته لمستقبل البلد وخططهم لعلاج مشاكله والنهوض بمؤسساته وتحقيق طموحات ابنائه. كل ما يملكه أو يمثله الحراك هو شأن كل المعارضة الناقمة على الاوضاع. حيث يتسيد «الطرح السلبي» وهموم ومشاكل مثل «التصدي واسقاط ورفض» في غياب تام لــ «بناء وتحقيق وانطلاق» وغيرها من مؤشرات ايجابية. الهدم هو الواضح اما البناء فـ«بعدين»!
اما على الصعيد العملي، فان «الحراك» يكشف بالممارسة الملموسة طابعه القبلي البحت في الانشطة الحقيقية التي تتولاها جموعه. بل لا يمكن لاي مراقب محايد الا ملاحظة ان الحراك لا يوجد الا في «الاندلس» مهده ومنطلقه ومركزه الحقيقي والوحيد. كلما خبت الجذوة، وكلما خلت ساحة الارادة أو البلدية عاد الحراك الى الاندلس، ليستمد الزخم ويحقق بعض الشحن الذي يفرغه في ساحة الإرادة أو عند البلدية. هذه الايام وبعد ان اعلن البعض وفاة الحراك وخمود جذوته يعود تحت علم القبيلة، وبقيادة الاخوان المسلمين الذين برعوا منذ زمن في استخدام الاتجاهات القبلية والدينية وتسييسها لمصلحة مبتغاهم. اليوم يتم الاستنجاد مرة اخرى بمسلم البراك وناخبيه لدعم الحراك. ويركز «الديموقراطيون» هنا على مسلم البراك في محاولة يائسة وبائسة لاكساب الحراك الدعم والاهتمام الشعبي. فتختفي الحكومة المنتخبة والشعارات الجوفاء عن محاربة الفساد وحماية المال العام لتحل محلها اغاني التمجيد والمدح وقصائدهما في ضمير الامة الذي تركز كل شيء عليه، وانحصر الشعب ومصالحه في شخصه.
ان هذا يفضح بشكل اكثر دقة الطبيعة القبلية والتخلف السياسي غير الديموقراطي الذي يسيطر على ما يسمى شباب الحراك. فانضواء هكذا شباب وقبوله بهكذا سياسة ومسار دليل على غياب الوعي وعلى رجعية الرؤى والأهداف وبدائيتها. ويكشف في النهاية ضحالة الحراك وانعدام حتى الرؤى العصرية ناهيك عن الديموقراطية عنه.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق