“وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ” ( النحل 112).
يشير حكم الشارع إلى الاختيار الطوعي لدى بعض الناس في ترسيخ الفوضى والانفلات والبهرجات المزيفة وتعطيل مصالح الناس بدلاً من السعي الى التعاون البناء والحوار المثمر بين أبناء الوطن الواحد. فالتجارب الانسانية المختلفة تشير إلى أن اللجوء الى الشارع بزعم البحث عن حلول للمشكلات والتحديات الوطنية سيؤدي إلى الدمار والبؤس والشقاء. فالشارع ليس مكاناً مناسباً للعثور على حلول لقضايا وتحديات تتطلب حوارات هادئة وإيجابية بين أعضاء المجتمع. فبسبب عدم القدرة على ممارسة العقلانية والتفكير المتزن في الشارع, فلن يؤدي الخروج إليه في تظاهرات ومسيرات غير مرخصة إلى تكريس الطمأنينة أو الحفاظ على الأمن الوطني. فحكم الشارع أدى في عالمنا المعاصر إلى جر الخراب والدمار والبؤس والشقاء لمجتمعات إنسانية كانت تنعم سابقاً بالأمن والأمان والطمأنينة, بل من يتعظ بتجارب الاخرين هو من سيفكر بتمعن بالعواقب المدمرة للتظاهرات على الأمن الاجتماعي.
إضافة إلى ذلك, محاولة فرض حكم الشارع بدلاً من حكم مجتمع القانون والمؤسسات والمنطق والعقلانية والحوار البناء بين أبناء الوطن الواحد لن يؤدي إلى تكريس المساواة والعدالة الاجتماعية. فإذا زعم بعض من يبدو انهم يتحينون الفرص للخروج إلى الشارع في تظاهرات عبثية زعماً بأن هذه الوسيلة الفوضوية هي المناسبة, ولكن الأدلة والبراهين المنطقية والعقلانية تشير إلى عكس ذلك. فيرتبط الخروج الى الشارع بالفوضوية والانفلات المصطنع وبإضعافه للأمن الاجتماعي في البيئة الانسانية. فكيف بما يؤدي إلى تعطيل مصالح المواطنين (الخروج للشارع في تظاهرات ومسيرات غير مرخصة) أن يؤصل تفكيراً متزناً أو تبادلاً إيجابياً للآراء عقلانياً ومنطقياً بينما يعرف العقلاء أنه لا عقلانية ولا منطق ولا اعتدال يمكن العثور عليها في الشارع.
العقلاء هم من يتعظون بما حدث لمجتمعات كانت آمنة ومطمئنة سابقاً وذلك بعد أن طغت فيها أصوات نشاز طالبت بالاحتكام للشارع بزعم التغلب على التحديات الوطنية. فلقد أوصل حكم الشارع إلى تشويه الحق وخلطه بالباطل, فغاب العقل وحلت مكانه الفوضى والانفلات والاضطرابات الاجتماعية. فمن يكفر بأنعم الله ويستبدلها بيديه بنقم البطر والطيش والاستهتار فلربما سيؤدي به ذلك إلى البؤس والشقاء وسوء الحال وسيذوق لباس الجوع والخوف, والعياذ بالله. فهل من مدكر?
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق