لم يتوقع أحد أن يتمكن الشيخ جابر المبارك من الصمود أمام «هزات» التنافس بين التحالفات القائمة على الساحة، رغم شراسة ذلك التنافس ومكر ودهاء أطرافه، بل كانت التوقعات أن ينهار وتنهار حكومته أمام ضربات تلك التحالفات، لكن الأحداث أثبتت أن التحالف الذي حمله إلى ذلك الموقع كان أكثر دهاء ومكرا من التحالفات الأخرى.
ترشح معلومات بين الحين والآخر يمكن الاستهداء بها لمعرفة ما يدور خلف الكواليس، وهناك مؤشرات قوية على أن تحالف الشيخ جابر المبارك تمكن من «تبريد» كل تلك الملفات الساخنة دون أن يطويها، تمهيدا لوضعها على قائمة الحل حسب أولويتها، من خلال تفاهمات مع بعض تلك التحالفات المتنافسة، والتفرغ للأكثر إلحاحا على الساحة.
خط سير الشيخ جابر المبارك والمتحالفين معه، يظهر أن هناك خاسرا في التطورات الأخيرة وخسائره فادحة، على اعتبار أنه التحالف الوحيد من بين القائمة على الساحة الذي لم يتمكن من استيعاب المعطيات السائدة بشكل جيد، وراهن على مكونات من السهل استدراجها وتحييدها، وهو ما حدث بالفعل رغم تحذيرات سابقة ألا يفعل.
مع اقتراب الحسم الشامل أصبحت حكومة الشيخ جابر المبارك والتحالفات المتفاهمة معها على المحك، فإما أن يتمكن الجميع من تأسيس معادلة وقاعدة جديدة تضع في اعتبارها ما جرى خلال الفترة الماضية، وتستفيد منه في السيطرة على التجاذبات السياسية حتى لا تخرج عن مسارها الطبيعي، كما في كل الأنظمة الديمقراطية الأخرى أو ننتظر فصلا جديدا.
حتى نضمن أن يكون هناك ثمرة للتفاهمات الحالية، يفترض أن تطرح مبادرة حكومية شاملة هدفها خلق أجواء إيجابية داخل المجتمع تطول كل حاجات المواطن، وأن يعلن في خطوة ثانية عن المشاريع التي تضمها تلك الأجواء الإيجابية من خلال مؤتمرات صحافية تكون أطروحاتها واضحة ومحددة، حتى يعمل عليها الجميع بما في ذلك السلطتان التشريعية والتنفيذية.
الفراغ السياسي هو من فتح الباب أمام مثل ذلك التنافس السلبي، ولا يمكن أن تترك الساحة دون أن تشغلها الحكومة بمبادرة يلتقي حولها الجميع، وهذا هو دور الحكومة المحدد في الدستور أن تكون هي القائدة للعمل السياسي اليومي في البلاد، لأن في تركها تلك الساحة فارغة سيعود المشهد السياسي الماضي، وربما بصورة أسوأ بكثير.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق