عبداللطيف الدعيج: الله يعينك.. كويتية

أمس على «تويتر» كان هناك من يروّج كالعادة لإعلان طلب مساعدة للعلاج. وطبعا أنا لديّ تحفظ على هكذا إعلانات وطلبات، لأنه، وبغض النظر عن الطابع الإلكتروني والتكنولوجي الذي يغلفها، تبقى في النهاية «طرارة» وعملا يكتنفه الغموض ويفتقد في الكثير من الأحيان المصداقية. بمعنى أنها يجب أن تنظَّم وأن تتولاها مؤسسات معتمَدة وموثوق بها بدلا من تركها «سائبة» كما هو الحال. لكن مع هذا لفت انتباهي الإعلان، فهو عن طلب مساعدة لعلاج طفلة لا نعلم كنه مرضها، لكن تكلفته واضحة ومعلنة، وهي مائة ألف دينار. واضح هنا أن التكلفة هي للعلاج في الخارج.

ما يُحزن أننا في أغنى دولة في العالم، وصار لنا هكذا، أي أغنى دولة في العالم عقودا وسنين. ولكن ما زلنا بعد هذا الغنى الفاحش، وبعد هذا الزمن أو العمر، نفتقد القدرة على علاج طفلة، علاجها، حسب زعم الإعلان، موجود في السعودية وتايلند والهند ومصر بعد!.. أفقر دول العالم وأكثرها بدائية تتفوق علينا في العلاج الصحي، والصحة، حسب ما نعلم، هي من المفروض أن تكون أحد أهم شواهد التنمية ودليل التقدم وشاهدا على مقدار الرعاية التي توفرها الدولة لمواطنيها. في مصر والهند وتايلند والسعودية نراهم متفوقين علينا صحيا، واحنا اللي عندنا الفطاحل في مجالس الأمة، ضمائر ورموز وسادة وشيوخ، وعندنا بالطبع أيضا الرشيد من حكومات ووزراء، لكن مع هذا فنحن لانزال خلف مصر والهند والسعودية وتايلند بعد.

ليس هذا كل ما في الأمر.. في الواقع ليست لدي مشكلة كبيرة هنا، فالدول والشعوب المذكورة تستاهل، وليس صعبا أو إشكالا أن تتطور أكثر منا، فتعداد بعضها يفوقنا مليون مرة، ومن ناحية أخرى ربما شيوخنا أبخص. ربما «مفروض» علينا أن نسيح في بلاد العالم ترفيها مرة وعلاجا مرات. ومن يدري، فربما تريد حكومتنا لنا أن نفرح ونتمتع أكثر. لكن الأمر لا يتوقف هنا. فسبب طلب المساعدة يعود أساسا إلى أن الطفلة غير كويتية أو هي «بدون». لكنها ليست كاملة «البدونية»، فأمها -حسب الزعم- كويتية ووالدها من {مقرودي} قبائل الشمال، الذين يمارس مجتمعنا -مع الأسف- التمييز ضدهم.. الآن.. أليس هذا قهرا ومذلة وتمييزا وتحقيرا للمواطنة الكويتية؟ «يعني بنت أخوها تروح للعلاج وبنتها لأ».. وكل هذا في بلد ديموقراطي، الكل يتصايح فيه اليوم لتطبيق الدستور والقانون؟.. لكن الكل يتناسى هذا القانون والدستور عندما يتعلق الأمر بحقوق ومعاش الغير!

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.