عبدالله خلف: محاولة للفهم 1

صُوِّر الاحتلال قبل وقوعه بست سنوات.. الجيش العراقي يحتل الكويت.. سرقة ونهب واعتداءات.. كل ذلك صوره فيلم «الدفاع الأفضل» قبل وقوعه بست سنوات وعرض الفيلم عام 1984.
قيل عن العرب انهم قوم لا يقرؤون وزيادة على ذلك لا يرون وهم في سبات اليقظة.. الفيلم صور في هوليوود أمريكا وإسرائيل. استغرق التصوير سنتين ثم عرض في كل مكان، وعرض على رئيس النظام العراقي لتنفيذه على الواقع.. وكل عَلم عن الحدث الكبير الا نحن.. القوات العراقية في فيلم «الدفاع الأفضل» وكيف أخذت تصب حممها على الكويت، ولم تطلب الكويت مساعدات، حتى من بريطانيا التي ترتبط معها بمعاهدة دفاع. بينما استعان بها الشيخ عبدالله السالم بعد ان عرض الامر على الرئيس جمال عبدالناصر، فقال انه لا يذهب بجيشه ليحارب جيشا عربيا.. وقال للوفد الكويتي، ان بينكم وبين انجلترا معاهدة دفاع رسمية يمكنكم الاستعانة بها، فتم الاتصال بالحكومة الانجليزية فقالوا لتكن هناك مكاتبة بيننا، فقال الشيخ عبدالله السالم لهم، ان الموقف لا يتحمل المكاتبة ان الجيش العراقي بامكانه ان يدخل خلال ساعتين، فتصرفت الحكومة تصرفا حكيما جنبت البلاد خطر تهديد عبدالكريم قاسم.
كانت الفرصة ضيقة بين اعلان استقلال الكويت في 19 يونيه 1961، وتهديد عبدالكريم قاسم بمؤتمره الصحافي في 25 يونيه 1961.. أي بعد ستة ايام. مع هذا تصرف عبدالله السالم وطلب من بريطانيا التدخل السريع.. وكان له ذلك.
ان المتسع في مدة تهديد صدام حسين منذ 1990/7/17 كان اطول مدة من تهديد الازمة السابقة.. ورغم ان توقعات الاحتلال العراقي للكويت كانت على ألسنة رجال السياسة ورجال الدين والكُتاب.. وأوسع المجالات كلها مرور ست سنوات على صدور فيلم «الدفاع الأفضل» في سنة 1984 وكان امام الكويت معاهدتان:
الأولى: معاهدة الدفاع البريطانية عن الكويت حال تعرضها للمخاطر.
الثانية: وثيقة كارتر عام 1980 ومفادها، ان اي محاولة، من اي قوى خارجية للتحكم في دولة خليجية سوف ينظر اليها كهجوم على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الامريكية، وان هذا الهجوم يجب ان يصد بكل الطرق ومنها العسكرية.. ولو طلبت الكويت التدخل من الحكومة الانجليزية كما حدث في سنة 1961.. لكفى الله القتال، او المطالبة بالحماية الامريكية وفق وثيقة كارتر المشار اليها.
ولم تطلب الكويت الحماية رغم ان دولة الامارات العربية المتحدة قد استعانت بوثيقة كارتر عندما لزم الامر.. ولما سئل بوش الاب ان كانت الكويت قد طلبت الحماية والتدخل فقال في مؤتمر له عن الأزمة: (ولا قبل نصف ساعة..) ولو احتاطت الكويت للامر وطلبت التدخل لحمايتها لمنع الغزو وسلمت البلاد والشعب كما حدث في ازمة 1961 والغريب في الامر ان في فيلم «الدفاع الأفضل» 1984 يقول في السيناريو: «ان الكويت لم تطلب ابداً مساعدة القوات الامريكية لمواجهة القوات العراقية.
بطل الفيلم هو «ادي مورفي» ومثل دور ضابط امريكي وهو يدرب الجنود الكويتيين ويشير الفيلم الى القوات العراقية التي استباحت الكويت نهبا وسرقة وحرقا وهدما منشآت وسرقة المنازل والاسواق والبنوك، اطرح ذلك مع التساؤل عن احلام اليقظة التي غابت عنها الوقائع رغم وضوحها والفيلم الذي لم يوقظ النائمين من الشعب والحكومة حتى حل الدمار اطرح ذلك محاولة للفهم.

عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.