حمد العنزي: عليه وعلى الآخرين

“الأولى أن تبادر الحكومة بتطبيق كل الأحكام من دون استثناء، ولتبدأ بأبناء الأسرة إن كانت عليهم أحكام قضائية واجبة التنفيذ! إن ظاهرة التمرد على الأحكام القضائية بدأت أول ما بدأت من تمرد بعض أبناء الأسرة عليها مروراً بتراخي الحكومة في تطبيق بعض القوانين على بعض المتنفذين”!
الكلام أعلاه للزميل مبارك الدويلة في مقاله الذي نشرته الزميلة “القبس” بعنوان “الفصل الأخير من المسرحية”، وهو بلا شك يعبر عما يدور في خلد كثير من المتعاطفين مع النائب مسلم البراك وبشكل خاص بسبب الاقتحام الذي قامت به القوات الخاصة– دون داع- لديوانه بالأندلس للقبض عليه، وهو تصرف “أرعن” رغم مشروعيته التي ذكرها عدد من القانونيين، ولو كنت– لا سمح الله- وزيراً للداخلية لما تعاملت مع هذا الأمر بهذه الطريقة، ولكنت استجبت لمطالب مسلم بتسليمه النسخة الأصلية لكتاب الحكم حتى إن لم أقتنع بهذا الطلب، ولأرسلت له من يريد من القيادات الأمنية التي يحترمها، وذلك ليس حبا في البراك أو مجاملة له، إنما حرصا على المصلحة العامة وتجنبا للاصطدام مع مناصريه -الشباب- الذين تحولوا بفعل كاريزمته القوية إلى “بصامة ومصفقين” لكل ما يتفوه به من أقوال ويقوم به من أفعال، وإن جاوزت المنطق، والمعقول، والمقبول!
نعود إلى حكاية تطبيق القانون على الجميع التي ذكرها الزميل ورددها البراك في خطاباته الأخيرة أيضا حين تساءل عن إصرار “الداخلية” على سرعة القبض عليه دون أن تحرك ساكناً منذ سنين للقبض على لصوص المال العام وتجار الأغذية الفاسدة، وهو تساؤل مستحق وفي محله لولا أن من يطالب به هو شخص نزيه ووطني ومدافع شرس عن الدستور والقانون، لكنه في ذات الوقت يريد أن تتعامل معه الجهات الأمنية كما تعاملت مع هؤلاء الفاسدين المفسدين وتتجاهل القبض عليه كما فعلت معهم، فيما كان المتوقع من البراك أن يضرب مثلا للجميع بامتثاله للقانون، ويبادر بتسليم نفسه دون انتظار لأن يأتيه أحد بكتاب أصلي أو خلافه، ومن ثم، يحق له ساعتها أن يطالب بتطبيق القانون على الجميع، لا أن يعترض على تطبيقه عليه “وحده”، فبهذه الحالة، ورغم كل كلامه الجميل عن تطبيق القانون، فإنه “فعليا” لا يريد تطبيقه على أحد، لا على نفسه، ولا على الآخرين!
المعضلة أن مسلم كان يعلم عواقب ما قاله في ساحة الإرادة، فهو رجل يشرّع القوانين منذ 17 عاماً ومن غير المعقول ألا يدرك أن الخطاب الذي سيوجهه سيحمل في طياته مساءلة قانونية ثمنها باهظ، ويفترض به أنه قد أعد العدة لكافة الاحتمالات طوال الشهور الماضية ومنها عقوبة السجن، لكن ما رأيناه ينبئنا بأنه متفاجئ بالحكم ولم يتوقعه، وهو أمر غريب، فإما أن مستشاريه القانونيين لم يكونوا على الكفاءة المطلوبة أو أنهم لم يجرؤوا على مصارحته بالحقيقة!
وفي كل الأحوال، نتمنى أن يأتي حكم الاستئناف بالبراءة أو على الأقل مخففاً، فليس مما يفرح أن نرى سياسياً يزج في السجن، ونعلم- رغم كل اختلافاتنا معه- إخلاصه ووطنيته ويعيش بين جدرانه، لكن المشكلة تبقى في القانون الذي -ربما- يحتاج بعض التعديلات ولم يتجنبه للأسف مسلم، ووقع- رغم معرفته التامة به- في شباكه، وعليه أن يدفع ثمن ذلك سواء أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا، فالقانون يجب أن يطبق على الجميع، على مسلم كما على الآخرين!
وإن كان قد تبقى لدى الحكومة ذرة حصافة ومصداقية، فلتقم فورا بالقبض على كل من ذكرهم البراك ومناصروه، وإلا فإن البراك حتى وهو خلف القضبان سيهزمها 10- صفر بمرور الوقت، فمن غير المعقول أن يستمر الناس في قبول هذه الانتقائية في تطبيق القانون إلى الأبد، ولابد لصبرهم من آخر، وهذا الآخر قد يكون كل ما تخشاه السلطة من رئيس شعبي وحكومة منتخبة و… “لكم الحكم ولنا الإدارة”!
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.