الديماغوج أو الديماغوغ (Demagogue) هو من يهيج الجماهير للخروج للشارع زاعماً المطالبة بحقوقهم. ولأنه لا توجد عقلانية ولا اعتدال في الخروج للشارع بزعم المطالبة بالحقوق فيصبح عادة هو المكان المناسب الذي ينشط فيه الديماغوج. فهو يخاطب العصبيات والنعرات, بل والغرائز الأنانية في حيز شوارعي فوضوي تختفي فيه الحكمة ويتمكن عن طريقه من سلب إرادة من يؤيدونه. فالديماغوج لا يختلف كثيراً عن تاجر الرقيق, يتلاعب بمصائر بني البشر يبيعهم ويشتريهم بلسانه المنشطر بقصد تحقيق مكاسبه الشخصية, ولكي يتمكن أيضاً من حيازة مزيد من التأثير السياسي والاجتماعي في البيئة الانسانية التي ابتليت بوجوده !
ما يطلق عليه البعض هذه الأيام الربيع العربي أو الخريف العربي أو الربيع الرجعي أو الربيع الخزعبلاتي يعتبر بشكل أو بآخر ربيعاً ديماغوجياً بالدرجة الأولى. فهذا الأخير (الديماغوج) ينشط عندما يبدأ يصيب المجتمع الإنساني التفكك والاضرابات الاجتماعية, فهو يبرز في الساحة المحلية وقت ما يبدأ يتناحر بعض أبناء الوطن الواحد بشكل أناني فيما بينهم ويتنافرون ويتماحكون بشكل متكلف بينما يلوكون علوك البلاغة وشعاراتها المهترئة, ويتنازعون فيما بينهم حول حقيقة ما يحدث في حاضرهم, وما يمكن أن يكون عليه مستقبلهم. فالديماغوج هو البهلوان المتلون صاحب اللسان الحاد والسليط والذي يطغى في البيئة التي يختلط فيها الحابل بالنابل, حيث يُقَدِّم نفسه للجماهير المتطلعة للإستقرار والطمأنينة على أنه رجل المرحلة وضمير المجتمع, وهو عكس ما يدعيه من بطولات مزيفة.
زمن الديماغوج تعيس وكئيب لان عندما يُغَيَّب فيه التفكير العقلاني وتُلجم فيه أصوات الحكمة ويتم استبدالها بالطيش والاستهتار والتفكير الكارثي يسعى الديماغوج الى اضعاف الوحدة الوطنية وترسيخ خطاب الكراهية عبر إثارة الشخصانية الأنانية في من يتبعونه. ويشيع جواً مصطنعاً من التشاؤم المفبرك في المجتمع. فالديماغوج يصول ويجول في جو قاتم مفبرك يتمكن فيه من التأثير المباشر في أفئدة بعض الناس ويصور نفسه منقذهم مما هم فيه من أزمات وصراعات وتناحر, والديماغوج يتجشم كل ذلك الطيش لتحقيق مصالحه الشخصية الأنانية! فيتعيش على الأزمات والانفعالات المصطنعة لأنه ينشط عادة عندما يضعف الحس الوطني قلوب البعض وترتفع فيه أصوات نشاز تسعى لاستبدال نعم الأمن والأمان والمعيشة الكريمة بنقيضاتها.
فَتْعساً وتباً للديماغوج فكلامه شَرُّ وألاعيبه وشقلباته الرخيصة لن تنطلي على العقلاء والحكماء, وسيظل الديماغوج غوغائياً وفوضوياً وسيظل الأحرار عقلاء متمدنين ومتنورين ومتسامحين.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق