جاء حكم المحكمة القاضي بحبس النائب السابق مسلم البراك خمس سنوات مع الشغل والنفاذ الأسبوع الماضي – قبل أن يصدر حكم الاستئناف بإخلاء سبيله بكفالة مالية – ليطغى على القضايا المحلية كافة وبات الموضوع الأكثر جدلا وأهمية، وأصبح تداوله عادة يومية بين كافة فئات المجتمع وبمشاربه المختلفة.
لن أخوض كثيرا في حيثيات الحكم، لإيماني الكامل بنزاهة وعدالة القضاء الكويتي، ولأن الموضوع قد أخذ مساحته وحقه من التحليل والتنظير كذلك ولعدم إلمامي، حتى أكون أكثر إنصافا بالقوانين والأسباب التي استند عليها كل من القاضي ومحامي الدفاع في تداول هذه القضية.
إن ما يعنيني حقا هو حالة الانفلات الأمني وسياسة وزارة الداخلية بأجهزتها المختلفة في التعامل مع هذه القضية وتبعاتها وطريقة الإجراءات المتبعة في حل وحلحلة ما واكبها من أحداث خلال الأسبوع الماضي. نعم، فالمنظومة الأمنية تعاني الأمرين، وما حصل ما هو إلا تأكيد لحالة الترهل التي وصل إليها هذا الجهاز وسوء تعامله مع القضايا المحلية وضعف مواجهته للقضايا الأمنية المصيرية ما يجعل الكثير يتساءل عن مستقبل الكويت الأمني إذا ما استمر الحال على ماهو عليه دون أن يكون هناك وقفة جادة من قبل صناع القرار لاتخاذ الإجراءات التصحيحية والاحترازية كافة، حتى لا تتكرر الأحداث السابقة وحتى لا تستمر حالة الانفلات الأمني اللامسبوق الذي تعيشه الدولة في أيامنا هذه.
لن أحتاج إلى تدليل لكلامي، فالكل تابع قضية الاستيلاء على 35 ألف طلقة من مستودع الذخيرة التابع لوزارة الداخلية وما طرحه هذا الخبر من تساؤلات حول غياب منظومة المراقبة والحراسة لأماكن الدولة الحيوية وضعف أجهزة الوزارة في المحافظة على عتادها وأسلحتها ما قد يشكل خطرا على أمن الدولة وأرواح مواطنيها. والكل كذلك تابع قضية الاعتداء المستمر على مسجد البحارنة في الدعية وما صاحب ذلك من تلف وكسر لمحتويات المسجد وما يمكن أن تسببه هذه القضية من تأجيج للصراع الطائفي الذي بدأت رائحته النتنة تفوح يوما بعد يوم. وفوق كل ذلك، شهدت الكويت في الأيام الماضية حادثا غريبا بهبوط طائرة إيرانية في مطار الكويت دون أن تصدر السلطات إذنا مسبقا بهبوطها ودون أن تكون هذه الرحلة مبرمجة والأدهى والأمر أن ركابها الخمسين لم يكونوا حاملين لإقامة صالحة لدخول الكويت!
وتكتمل فصول القصة بسوء إدارة الوزارة في تنفيذ إجراءات الحكم على النائب السابق مسلم البراك واقتحامها لديوان العائلة بالإضافة إلى ضعف تعاملها مع المسيرات اليومية المؤيدة للبراك وما واكب ذلك من انفلات أمني خطير وغير مسبوق لم نعهده من قبل.
هذه القضايا ما هي إلا أمثلة قليلة لكثير من التخبطات التي نشاهدها ونسمعها من قبل القيادة الأمنية والقائمة تطول. ختاما، لا يسعنا إلا أن نقول، رأفة بحال الكويت، متى يا وزارة الداخلية (تقومين وتصحين) وتنفضين غبار هذا الفشل الذريع؟ فالمساءلة اليوم هي ببساطة أمن الكويت الذي يعد أهم أركان قيام الدولة وبقائها!
إبراهيم أديب العوضي
Email: boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق