ضعف الطالب في اللغة العربية يأتي من قلة القراءة والفهم، ويعني أن مناهجنا في اللغة العربية بحاجة إلى تغيير جذري.
تشارك الكويت منذ عام 1994 في امتحانات بيرلز pirls، التي تقيس قدرات الطلبة في القراءة باللغة الوطنية، والتي تشارك فيها خمسون دولة أخرى. وهذه الامتحانات موجهة للطلاب في الصف الرابع الابتدائي، ومعدّة باللغة الوطنية لقياس قدرات الطلبة في مرحلة يبدأ فيها الطالب بالانطلاق في لغته. وغرض المشاركة هو التعرف على المنهج الوطني، ومدى تواؤمه مع الهدف الذي وضع من أجله، والذي هو تدريب وزيادة فهم الطالب للغته الوطنية. وفي هذا الامتحان يمتحن الأميركي باللغة الإنكليزية والفنلندي باللغة الفنلندية والكويتي باللغة العربية. ومنذ أن شاركت الكويت في امتحانات بيرلز هذه، فإن نتائج الكويت كانت ضمن الدول الخمس الأخيرة. وتجربتي كأب تابع المنهج الكويتي في تدريس اللغة العربية لحوالي عقدين من الزمان، لم أتوقع أن تكون نتائج الطلبة الكويتيين أفضل من ذلك. فهناك جهد ملحوظ يبذله المؤلفون لهذه المناهج لإدخال الضجر في نفوس الطلبة، وإبداع من المؤلفين لقتل الإبداع لدى الطلبة. ومن آخر الأمثلة التي لاحظتها على منهج اللغة العربية كان موضوع في الجزء الثاني للصف التاسع من كتاب «العربية لغتنا».
لقد وفق المؤلفون في اختيار الموضوع الذي كان بعنوان «ثورة الاتصالات»، والذي اختير من مقال للدكتور جودت فخر الدين نشره في مجلة «العربي». وقد اختصر المقال ليكون أقل من ثلاث صفحات. لكن ما يلفت النظر أنه تبع هذا الموضوع المكون من أقل من ثلاث صفحات 14 صفحة من الأسئلة! فهل لكم القدرة على أن تتخيلوا كم ستكون هذه الأسئلة مملة ومكررة ومنفرة! والأمر شائع في تكوين الأسئلة على معظم المواضيع، ونلاحظه شائعا كذلك على المنهج الكويتي على مدى السنوات الدراسية. والملاحظة العامة الأهم، أن المنهج لا يتطلب أو يشجع الطالب على أن يقرأ بالقدر الكافي، ولا يكتب بالقدر الكافي، وإنما تطبق عليه وسائل عديدة، وعلى مدى السنين الاثنتي عشرة لتنفيره من اللغة العربية. فهناك غياب لفكرة أن إجادة اللغة هي نتيجة لقراءة وكتابة ومحادثة في اللغة نفسها. كما أن هناك مبالغة في تدريس القواعد والنحو على حساب الفهم والثروة اللغوية. وهناك سوء فهم من أن التبحّر في قواعد اللغة، هو الذي سيمكن الطالب من اللغة. كما أن هناك وضع قيود ثقيلة على الاستاذ المبدع تمنعه من إثراء المخزون اللغوي لدى الطالب، أو أن زيادة فهم الطالب بمواضيع جديدة أو زيادة ثروته اللغوية. والنتيجة النهائية فإن المعلم لا يحاسَب على نتائج تلاميذه، وإنما على مدى التزامه بالمنهج.
مع أن الواضح أن تدهور الطالب في اللغة العربية، يرجع إلى أن الطالب لا يقرأ ولا يكتب بالقدر المطلوب لإثراء مفرداته وتقوية أسلوبه في المحادثة والكتابة. وفي هذا المجال أتمنى من القائمين على المناهج في وزارة التربية الاستفادة من تواجد المدارس الخاصة للقيام بدراسة مقارنة لقياس كمية ما يقرأه الطالب في اللغة الإنكليزية لسنة دراسية محددة في درس اللغة الانكليزية مع كمية ما يقرأه في اللغة العربية. ما أتوقعه أن النسبة ستكون 10 إلى 1. بمعنى أنه لو افترضنا ان الطالب في المدرسة الخاصة يقرأ 700 صفحة في درس اللغة الانكليزية في سنة دراسية معينة، فانه لا يقرأ اكثر من 70 صفحة في اللغة العربية في السنة نفسها. وفي اللغة الانكليزية لا يدرس الطلبة القواعد إلا بصورة غير مباشرة.
أعتقد أنه لو كانت هناك امتحانات بيرلز للمرحلة الثانوية، لكانت نتائج الطلبة الكويتيين أكثر سوءا. فمناهجنا في اللغة العربية بحاجة إلى تغيير جذري يعتمد فيها على خبراء محليين وعالميين. ونتائج المشاركة في مثل هذه الامتحانات العالمية، مؤشر يدلنا على ضرورة هذا التغيير.
د. حامد الحمود
Hamed.alajlan@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق