غر ابة المجلس الحالي تكمن في أن الدعوة للصمت أكثر من الدعوة للكلام، فالنائب يطلب من زميله السكوت وبطريقة «اسكت ولا كلمة» والوزير عندما يلوح له نائب بالاستجواب تجده يقول وبكل ثقة «اسكت»، مجلس رحب بعض أعضائه وبشكل غريب بـ«قانون الإعلام الموحد»، وهو القانون الذي يقول للصحافيين والمواطنين والمقيمين بل حتى زوار الترانزيت «اسكت».
«قانون الإعلام الموحد» الذي أعلن سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك وأمام الزملاء رؤساء تحرير الصحف المحلية أنه سيقوم بسحبه، لايزال هناك نواب يرون أن في هذا القانون مخرجا للفوضى الإعلامية التي نعيشها.
مجلس يدعو بعض أعضائه وبشكل مريب للصمت وكأنهم يؤسسون لمفهوم «اسكت»، بل إن بعض أعضائه وبطريقة مبالغ فيها يروجون لإعادة إعلاء راية «الشيوخ أبخص» أو «الحكومة أبخص»، رغم أننا في زمن حتى طفل في الثامنة يمكنه أن يعد عليك حقوقه السياسية ويعرفها جيدا ويعيها ويعي أن من حقه إبداء رأيه حتى وإن كان رأيه لا يعجب الشيوخ أو لا يأتي على هوى الحكومة.
«الفوضى الإعلامية» التي نشأت بفضل تويتر وفيسبوك ليست فوضى بالمعنى الذي يروج له بعض أعضاء مجلس الأمة، بل هي أكثر منها عاصفة آراء متعددة الأوجه خرجت بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، في السابق، ولقلة وسائل الإعلام ومحدوديتها، كانت الحكومة أي حكومة تستطيع السيطرة على كبح جماح آراء الشعب، فالراديو ملك لها والتلفزيون وتستطيع السيطرة على الصحف حتى وإن كانت مستقلة سواء بقانون أو بفرض رقابة، أما اليوم فلا يمكن لأي حكومة أن تضبط «رتم» عواصف الآراء الشعبية التي قد تثور في أي وقت.
الدستور الكويتي يدفع نحو مزيد من الحريات، ويمنع سن أي قانون من شأنه أن يحد من الحريات، ومع هذا هلل بعض النواب وطبلوا لـ«قانون الإعلام الموحد»، كان عليهم قبل غيرهم أن يكونوا هم سنان حراب الحريات لا مطارق تكسر حرياتنا وتحد منها.
كان على النواب أن يكونوا سدا منيعا للدفاع عن حرياتنا أمام أي قانون تقدمه الحكومة، لا أن يكونوا شارعا بـ7 حارات تمرر منه الحكومة ما تشاء من قوانين «تلعن خير» حرياتنا.
في النهاية، شكرا سمو الشيخ جابر المبارك لسحبك القانون، ولكن كان يجب ألا يقدم هذا القانون أصلا، ويجب محاسبة من صاغه ومن كتبه ومن شارك في طباعته وتحقيقه، لأنهم إما أنهم لا يعرفون القانون أو أنهم لا يعرفون الدستور أو أنهم أرادوا ضرب حكومتكم بهذا القانون.
waha2waha@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق