“مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً أن لِلثَّعلبِ دِينا” ( أحمد شوقي).
لا أعتقد شخصياً, بل لا يمكنني أن أصدق الآن أو غدا أو بعد غد أن من يتعيشون على إطلاق الشعارات الرنانة والعبارات الزائفة بينما يحاولون قدر إستطاعتهم تهييج الشارع العام لتحقيق مصالحهم الانتخابية الضيقة أنهم سيعملون على تكريس المواطنة الديمقراطية الحقة في المجتمع ! فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن يساهم الديماغوجي والفوضوي أو الذي ترتكز خطاباته أصلاً ومجازياً على إثارة النعرات القبلية أو الطائفية في ترسيخ مواطنة صالحة وهادفة. فشتان بين مواطنة مدنية وديمقراطية حقة وواضحة ينسجم خلالها المواطن العادي والمسالم مع قوانين بلاده ويراعي مصالحها وبين ذلك الحيز الفوضوي الغامض وقليل الذوق والذي يحاول تشييده بعض الفوضويين. فأكثر ما يكرهه المؤزم والمؤدلج والديماغوجي هو ترسيخ مواطنة هادفة وواعية في المجتمع الإنساني: عندها سيتمكن المواطن الصالح من كشف زيف الشعارات الرنانة ولن يقع ضحية لإستغلال البعض بقصد التكسب الانتخابي.
بل لا اعتقد أنني أبالغ في هذا السياق إذا جزمت بأن المتماحكين والمؤزمين ومن يسعون للتكسب على حساب الاستقرار الاجتماعي يخافون فعلاً من تكرس مواطنة حقة في المجتمع. فيبدو أكثر ما يرعب المؤزم ذا الحنجرة المتورمة هو زيادة نسبة الوعي الديمقراطي الحقيقي في البيئة المسالمة والتي أبتليت بوجوده. فالمؤزم يعمل فقط على بلورة مواقف غامضة تخدم مصالحه الضيقة. ولكن عندما يصل عضو المجتمع إلى مرحلة فكرية وحضارية معينة سيتعرف مباشرة على الخطابات التماحكية والسجال العقيم وتشويه الوقائع المحلية ويفرقها عن الخطابات الوطنية والعقلانية, وحينيذ سيبور سوق المؤزمين!
المواطنة الحقة تشير إلى تلك السلوكيات والتصرفات الايجابية والبناءة والتي تساهم في تأسيس حياة يومية متكاملة في البيئة الانسانية. فالمواطن الحق هو الإنسان الصالح والذي يدرك ويستوعب ويحترم مسؤولياته وواجباته تجاه وطنه. فلا تغري الشعارات الرنانة والضجيج المصطنع والاثارة الانتخابية المواطن الحق: فهو يعرف تماماً الأسباب والأهداف الحقيقية وراء تشويه الوقائع المحلية ومحاولة خلط الحق بالباطل ويعرف ما وراء إستغلال عفوية الحس الوطني عند المواطن العادي. فالمؤزم الديماغوجي يسعى فقط إلى كسب مزيد من التأثير الاجتماعي والفكري والسياسي على حساب المصالح العامة للناس المسالمين وعلى حساب المنطق والعقلانية والحس الوطني النبيل.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
(أنقره – تركيا)
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق