سنوات طويلة مرت ومجلس إدارة جمعية الصحافيين الكويتية يستعين بأعضاء الجمعية من القانونيين للاهتمام بقوانين (المرئي والمسموع) ومتابعة ومطالبة تطويرها مع تطور البلاد والثورة الإعلامية البالغة الحداثة التي عمت شارع الصحافة مما جعل تركيزها آنذاك على مواقع ثلاثة:
(1) المطالبة بمحاكم رأي خاصة يحقق فيها متخصصون حتى لا يجد الصحافي نفسه على درب المجرمين بانتظار التحقيق معه وقد تمت معالجة هذه القضية والحمد لله.
(2) إلغاء الإيقاف أو الإلغاء التعسفي للمطبوعة دون أخذ خسارة الطرف الآخر المادية والمعنوية في الحسبان.
(3) إلغاء السجن كلية والاكتفاء بالغرامة المعقولة.
وللحقيقة والتاريخ كان هناك تجاوب إيجابي من قبل الحكومة ومجلس الأمة… مما جعلنا ننتظر وبآمال عريضة تحديث القانون القديم بما يتناسب مع ما وصل إليه الإعلام من رقي سواء في ذلك الحكومي أو الأهلي.
والحقيقة الأهم أن أملاً كان يراود الجمعية بدعوتها لمناقشة المسوّدة والتفاهم على بعض الأمور لما فيه مصلحة الطرفين إعلام الدولة والإعلام الأهلي من باب الاستئناس بالرأي- لا أكثر ولا أقل- حتى نصبح كجمعية عوناً وسنداً للدفاع بدلاً من أن يستنجد بنا الأخوة الصحافيون طلباً للنجدة… وهذا ما حدث.
ترى… أين الخلل؟؟ ما الذي حدث لوزير الإعلام؟؟
نحمد الله تعالى أننا نعيش في وطن ذي نظام ديموقراطي لا فرض فيه لأحد على الآخر إلا بالشورى المتداولة ما بين الحكومة ومجلس الأمة والمواطن الشريك (حامل الرأي العام).
كلنا- كمواطنين- نحمل الوطن على أكفنا ونختزنه في قلوبنا ونتصور أن مسار الشأن العام يحمله الوزير حسب تخصصه المكلف به أولا وبعد دراسته يعرضه على زملائه الوزراء كمقترح (يُدلي كل منهم بدلوه ما دام الحديث عن شأن عام «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته»).
لهذا أعتقد- شخصياً- أن صحبة وزير الإعلام هذه المرة قد خذلوه وجعلوه يواجه العاصفة وحده لأنهم ما كلفوا أنفسهم بالاستئناس بمن حولهم من الإعلاميين وخاصة من الممارسين المباشرين لهذه المهنة مثل رؤساء التحرير وملاك القنوات الخاصة واختاروا أقصر الطرق- الموافقة- لعدم الاهتمام أو جهلاً بالمجال ولم يتطوع واحد منهم للقول دعونا نفكر لأننا أمام منعطف خطر أو لنحسب محاسنه ومضاره وانعكاس تطبيقه- كما هو- على المجتمع النشط إعلامياً أكبر من نشاطه في أي مجال آخر. وهو أي (الإعلام) هو المجال الوحيد الذي يطوي الناس كل الناس تحت جناحيه لا فرق بين صغير وكبير ولا غني أو فقير ولا ذكر وأنثى ولا جاهل ومتعلم… إلخ.
ما يحزنني اليوم إنما هو دخول تعابير مثل «التكميم» و«التكبيل» على لغتنا النظيفة مما أسعد بعض القنوات الفضائية الخاصة المغرمة بالجدل تحت مسمى الرأي والرأي الآخر وعبر سباق في الممارسة تسبب في حرق الوجبة الثقافية بعيداً عن العقلانية المتوقعة.
شخصياً لا ضير عندي من وحدة الإعلام على أن يُعطي من يملك فائضاً من الحرية لمن ينقصه ذلك.
ثقتي كبيرة بمعالي وزير الإعلام هذا الشاب النشط وأتمنى أن يكون حاضراً عند مناقشة هذا الموضوع ما بين وفد جمعية الصحافيين من رؤساء التحرير والكبار الكبار من قادة الكويت كسمو رئيس مجلس الوزراء الموقر وسعادة رئيس مجلس الأمة المحترم مستذكرين- جميعا أن ما ظهر على السطح ما هو إلا مشروع قانون الإعلام الجديد- كما صرحت بذلك الوكيل المساعد لولوة السالم- وما علينا- نحن العاملين في المجال- إلا أن نسجل مقترحاتنا ونقدمها للوزارة لتؤخذ بعين الاعتبار عند مناقشة المشروع مع اللجنة التعليمية.
وحبذا لو دعت اللجنة التعليمية رؤساء تحرير الصحف الذين اجتمعوا في جمعية الصحافيين للحضور، وإمّا في تلك الجلسة أو ما قبلها أو ما بعدها قبل أن يعطي مجلس الأمة كلمته وأظن أن وزيرنا سوف يسعد بذلك.
فاطمة حسين
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق