ثمة نوعية مخربة من بني البشر تبدو جاحدة للجميل وناكرة للنعم, ولكن يضطر أن يقابلهم أحياناً الانسان السوي, ويضطر أن يتعامل معهم في حياته اليومية. فأعتقد مثلاً أن أصعب ما يمر بها الانسان السوي هو اضطراره للحديث أو التعامل مع شخص متسيب في عمله, ويرفض- بسبب عدم اكتراثه- الايفاء بمسؤوليات وواجبات المواطنة الصالحة. فهذا النوع من الأشخاص لا يتقون الله في أنفسهم وفي مجتمعهم.فالبعض يستمر بطراناً وجاحداً لنعم الأمن والأمان ومنكراً للجميل ولا ينفع معاه الطيب. وإضافة إلى نكرانه لجميل مجتمعه عليه, فالبطران وبخاصة من يطالب بحقوق لم يوف بالأساس بمتطلباتها يرفض الايفاء بمسؤوليات وبواجبات المواطنة الحقة في مجتمعه, بل يعتقد أن تسيبه واستهتاره وطيشه الشخصي, ولا مبالاته بمتطلبات الحياة الانسانية المنظمة هي حرية شخصية ! ويبدو كلما تفضل الله عز وجل على هذا النوع الساخط والجاحد والجائر من بني البشر بنعمة المال أو الرفاهية المعيشية, كونهم ينتمون لوطن ولمجتمع آمن وفر لهم سبل الحياة الكريمة, ولكن البطرانين لا يشكرون تلك النعم وربما يعتبرونها إنجازاتهم الشخصية فقط, والعياذ بالله. بل ويبالغ الناكر للجميل في خصومته, وفي جحده, وفي نكرانه ضد وطنه وضد ثوابته الوطنية ! بل ويصعب أحياناً كثيرة إقناع هذه النوعية من بني البشر الفوضويين والناكرين لأفضال وطنهم عليهم بأن نعم الأمن والأمان التي يتمتعون بها لم تكن لتتحقق من الأساس لو لم يكن ذلك الشخص ينتمي الى بيئة اجتماعية وثقافية قبلته كما هو, بل وفرت له سبل العيش الكريم والحر والآمن. ولأنه يبدو ينكر فضل الله عليه, والعياذ بالله, فالبطران الفوضوي ينكر أفضال مجتمعه عليه ويجحدها بل ويحاول إلغاءها من ذاكرته الميكروسكوبية.
من لا يشكر الله عز وجل على أنعامه وأفضاله ولا يبدو يعمل جاهداً ليستحقها, لا ينفع معاه الطيب, بل لا ينفع معه سوى الحزم وتطبيق القانون عليه وقت ما يتجاوز هذا النوع من بني البشر البطرانين المحاذير الاجتماعية أو يتجاهل أداء واجباته ومسؤولياته الوطنية. فالمواطنة الحقة والصالحة تتحقق فقط عندما تدرك أغلبية أعضاء المجتمع أنه لا توجد بدائل أخرى لها. فالتسيب الوظيفي مثلاً وعدم الاكتراث باحترام المسؤوليات الاجتماعية المختلفة تضعف المجتمع ككل وتضر بمصالحه.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق