سوق البطولات مفتوحة هذه الأيام على مصاريعها، وثمة صراعات على البطولة، كلٌّ يزاحم غيره على منصتها أملا في تنصيبه على عرشها وتلبيسه تاجها.
وليتها كانت بطولة تستحق عناءها أو بذل حبة عرق واحدة في سبيلها أو من أجلها أو انها كانت بطولات لصالح الوطن والناس والحق والحقيقة، ولكنها كلها – مع الأسف – بطولات شخصية فردية تشق خاصرة الوطن وتطعن أهله في أعز ما يحبون وما توافقوا عليه وتوافق عليه أجدادهم قبل آبائهم وآباؤهم قبلهم.
وهذه سوق زائفة رخيصة، باعتها مثل زبائنها مثل بضاعتها، تدل على شطط في الفكر وقصور في التفكير وسوء في الغرض وسواد في النية وفراغ وطني لم يأنس معه الوطن في تلك القلوب التي لم تحب إلا ذواتها ولا تدرك ماذا يعني الوطن، بل إن البعض منهم طرح نفسه بديلا عن الوطن وأعلن إما أنا أو الوطن وإن لم يكن إعلانا صريحا في لفظه فهو واضح في مقصده مهما اختلفت العبارة وحاولت ان تتجمّل لقصد ولبغية.
وليس من غريب أن يكون هؤلاء اللاهون هم ممن يُسمّون بالسياسيين والذين لا علاقة لهم بالسياسة إلا من خلال مواقع كانوا فيها كالطواويس النافشة ريشها والمتعالية والنافخة صدورها بهواء فارغ، وهم في تلك المواقع لم يعملوا بالسياسة ولم يتعلموا ألفها ولا باءها، ولكنهم وجدوا أنفسهم فجأة في مرتع ذي غنائم ومكاسب وضروع تدر سائغ شهدها في أفواههم.
وذلك كل لا جلّ عملهم بالسياسة فهم يطرقون طبولا فارغة ذات دوي مسمع يصك الآذان ويجرحها.
الفراغ الجمعي والمجتمعي هو الذي أوجد هذه الطبقة الطفيلية التي ظنت ان طاقتها أكبر مما هو متاح في هذا المجتمع المريض المغلق الذي لا يمتص طاقات أبنائه ولا يستوعب ما لديهم من إبداع، فكان من نتيجة ذلك الانغلاق سهولة تصنيع بطل وهمي يتحلق حوله من عانى من هذا الفراغ.
فصار الأبطال والمتفرجون يدفعهم السبب نفسه وهو الفراغ، فحينما لا تكون هناك حلبات نظامية للمصارعة فإن هواتها يتصارعون في الشوارع ومثلهم هواة كرة القدم الذين يمارسون هوايتهم في الشارع حين تقل الملاعب النظامية.
ومادام الانغلاق قائما فلنبشر بمزيد من هؤلاء الأبطال.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق